للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: من عجز عن الصوم لكبر]

من عجز عن الصوم لكبر وهو الهم والهِمَّةُ، أو مرض لا يرجى برؤه، فله الفطر (ع) ويطعم عن كل يوم مسكيناً (م) ، ما يجزئ في الكفارة؛ لقول ابن عباس في قوله: {وعلى الذين يطيقونه فدية} [البقرة: ١٨٤] ليست بمنسوخة، هي للكبير لا يستطيع الصوم. رواه البخاري، ومعناه عن ابن أبي ليلى عن معاذ - ولم يدركه ابن أبي ليلي - رواه أحمد، وكذا أبو داود، ورواه أيضا - بإسناد جيد - عن ابن أبي ليلى: حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره (١) .


(١) وهذا القول هو الصحيح أنها منسوخة أعني قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: ١٨٤] ؛ لأنه ثبت في «الصحيحين» عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن الصيام أول ما فرض كان الناس يخيرون فيه، ثم نسخ التخيير وبقي الصيام [أخرجه البخاري في التفسير/سورة البقرة/باب من شهد منكم الشهر فليصمه (٤٢٣٧) ؛ ومسلم في الصيام/باب بيان نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} بقوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (١١٤٥) ] . لكن كلام ابن عباس رضي الله عنهما يحمل على أن الله سبحانه وتعالى لما جعل الفدية معادلة للصوم عند التخيير بينهما صارت هي الواجبة عند عدم القدرة على الصوم؛ لأنها عديلته، وعلى هذا فقول ابن عباس: ليست منسوخة، يعني: أن الحكم باق، لكن على وجه آخر، والعجب أن صاحب «الجلاليين» رحمه الله قال في الآية: {وعلى الذين يطيقونه فدية} [البقرة: ١٨٤] فزاد: «لا» ، وهذا غلط فاحش؛ لأنه كيف يفسر المثبت بالمنفي، والله تعالى يقول: {وعلى الذين يطيقونه} [البقرة: ١٨٤] ، وهو يقول: «لا يطيقونه» ؟ ثم إن قوله: {وأن تصوموا خير لكم} [البقرة: ١٨٤] يدل على أن الآية فيمن يستطيع أن يصوم، وإلا لكانت لغواً لا فائدة منها.

والخلاصة: أن الكبير الذي لا يستطيع الصوم يلزمه فدية طعام مسكين وكذلك المريض مرضاً لا يرجى برؤه.

<<  <   >  >>