للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا إفراد يوم السبت بالصوم، عند أصحابنا (م) ؛ لحديث عبد الله بن بُسر، عن أخته، واسمها الصَّمَّاءُ: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم» . رواه أحمد: حدثنا أبو عاصم، حدثنا ثور، عن خالد بن معدان، عن عبد الله. فذكره، إسناده جيد. ورواه أبو داود، وقال: هذا منسوخ. وقال: قال مالك: هذا كَذِبٌ. والترمذي وحسنه، والنسائي، وقال: هذه أحاديث مضطربة، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري. وقال صاحب «شرح مسلم» : صححه الأئمة. ولأنه يوم تعظمه اليهود، ففي إفراده تشبه بهم. قال الأثرم: قال أبو عبد الله: قد جاء فيه حديث الصماء، وكان يحيى بن سعيد يتَّقِيِه، وأبى أن يحدثني به. قال الأثرم: وحجة أبي عبد الله في الرخصة في صوم يوم السبت، أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر، منها: حديث أم سلمة. يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم السبت والأحد، ويقول: «هما عيدان للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهما» . رواه أحمد، والنسائي، وصححه جماعة، وإسناده جيد، واختار شيخنا أنه لا يُكْرَهُ، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأنه لو أريد إفراده، لما دخل الصوم المفروض ليستثنى. فالحديث شاذ أو منسوخ، وأن هذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه، كالأثرم وأبي داود، وأن أكثر أصحابنا فهم من كلام أحمد الأخذ بالحديث. ولم يذكر الآجري غير صوم يوم الجمعة، فظاهره: لا يُكْرَهُ غيره. ويأتي كلام القاضي في الوليمة (١) .


(١) إذن الحديث فيه ثلاثة أشياء: أولاً: أن بعضهم ضعفه، والثاني: أن بعضهم قال: إنه شاذ، والثالث: أن بعضهم قالوا: إنه منسوخ، هذا إذا أفرده، أما إذا صامه مع غيره فلا شك أنه ليس فيه شيء، وأما من حرمه حتى لو صام معه غيره فهذا غير صحيح، وأقرب الأقوال - والله أعلم - أن صومه مباح.

<<  <   >  >>