للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاله صاحب «المحرر» ، وفرق في «التلخيص» بينهما: بأن الصوم ليس من شعاره الاعتكاف، واختاره بعض الشافعية، وإن نذر أن يعتكف مصليا فالوجهان في المذهبين، وفيهما وجه ثالث: لا يلزمه الجمع هنا؛ لتباعد ما بين العبادتين، وكل واحد من الصوم والاعتكاف كف معتبر بالزمان، فلزم الجمع بينهما بالنذر كالحج والعمرة، ولا يلزمه أن يصلي جميع الزمان، ذكر ذلك صاحب «المحرر» ، والمراد: ركعة أو ركعتان، ولم يذكر هذه الصورة في «التلخيص» و «الرعاية» ، وذكر أن يصلي معتكفا، وأنه لا يلزم ولا فرق بينهما، وإن نذر أن يصلي صلاة ويقرأ فيها سورة بعينها لزمه الجمع، فلو قرأها خارج الصلاة لم يجزئه، ذكره في «الانتصار» ، وللشافعي قولان: أحدهما: يجوز التفريق، قال صاحب «المحرر» : ويتخرج لنا مثله، وقالت الحنفية: لا يلزم حال الناذر في جميع هذه المسائل إذا كانت عبادة مفردة، فإذا نذر أن يصلي معتكفا أو بالعكس، أو نذر أن يصوم مصليا أو بالعكس، أو نذر أن يحج معتكفا أو بالعكس ونحوه، لزمه الأول لا الثاني، لا منفردا ولا مع الأول؛ لأنه لم يلتزمه منفردا، وليس بصفة مقصودة ليلزم بالنذر، وإن نذر أن يعتكف صائما لزمه الصوم؛ لكونه شرطا فيه على أصلهم، وإن نذر أن يصوم معتكفا، فلهم وجهان: أحدهما: لا يلزمه سوى الأول كما سبق، والثاني: يلزمه الاعتكاف؛ لأنه ليس عبادة مستقلة، فجاز جعله شرطا في العبادة التي جعلت شرطا له، ونصر صاحب «المحرر» وجوب الجمع في ذلك كله؛ لأنه التزمه كذلك، فيدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر نذرا أطاقه فليف به» ، ولأنه طاعة لاستباقه إلى الخيرات؛ لكونه أشق، قال: وما علل به المخالف يبطل بالتتابع في الصوم يلزم بالنذر، وكل يوم عبادة مستقلة، والله أعلم.

<<  <   >  >>