للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مغاضباً فَكَانَ فِي بطن الْحُوت قَالَ من بطن الْحُوت: إلهي من الْبيُوت أخرجتني وَمن رُؤُوس الْجبَال أنزلتني وَفِي الْبِلَاد سيرتني وَفِي الْبَحْر قذفتني وَفِي بطن الْحُوت سجنتني فَمَا تعرف مني عملا صَالحا تروح بِهِ عني

قَالَت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام: رَبنَا صَوت مَعْرُوف من مَكَان غربَة فَقَالَ لَهُم الرب: ذَاك عَبدِي يُونُس قَالَ الله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} وَكَانَ فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ يَوْمًا فنبذه الله {بالعراء وَهُوَ سقيم} وَأنْبت {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: اليقطين الدُّبَّاء فاستظل بظلها وَأكل من قرعها وَشرب من أَصْلهَا مَا شَاءَ الله

ثمَّ إِن الله تَعَالَى أيبسها وَذهب مَا كَانَ فِيهَا فَحزن يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فَأوحى الله إِلَيْهِ: حزنت على شَجَرَة أنبتها ثمَّ أيبستها وَلم تحزن على قَوْمك حِين جَاءَهُم الْعَذَاب فصرف عَنْهُم ثمَّ ذهبت مغاضباً

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن حميد بن هِلَال قَالَ: كَانَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام يَدْعُو قومه فيأبون عَلَيْهِ فَإِذا خلا دَعَا الله لَهُم بِالْخَيرِ وَقد بعثوا عَلَيْهِ عينا فَلَمَّا أعيوه دَعَا الله عَلَيْهِم فَأَتَاهُم عينهم فَقَالَ: مَا كُنْتُم صانعين فَاصْنَعُوا فقد أَتَاكُم الْعَذَاب فقد دَعَا عَلَيْكُم فَانْطَلق وَلَا يشك أَنه يسأتيهم الْعَذَاب فَخَرجُوا قد ولهوا الْبَهَائِم عَن أَوْلَادهَا فَخَرجُوا تَائِبين فَرَحِمهمْ الله تَعَالَى وَجَاء يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ينظر بِأَيّ شَيْء أهلكها فَإِذا الأَرْض مسودة مِنْهُم بِدُونِ عَذَاب وَذَاكَ حِين ذهب مغاضباً فَركب مَعَ قوم فِي سفينة فَجعلت السَّفِينَة لَا تنفذ وَلَا ترجع فَقَالَ بَعضهم لبَعض مَاذَا إِلَّا لذنب بَعْضكُم فاقترعوا أَيّكُم نلقيه فِي المَاء ونخلي وجهنا فاقترعوا فَبَقيَ سهم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فِي الشمَال فَقَالُوا: لَا نفتدي من أَصْحَابنَا بِنَبِي الله فَقَالَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام: مَا يُرَاد غَيْرِي فاقذفوني وَلَا تنكسوني وَلَكِن صبوني على رجْلي صبا فَفَعَلُوا وَجَاء الْحُوت شاحباً فَاه فالتقمه فَاتبعهُ حوت أكبر من ذَلِك ليلتقمهما فسبقه فَكَانَ يُونُس فِي بطن الْحُوت حَتَّى رق الْعظم وَذهب اللَّحْم والبشر وَالشعر وَكَانَ سقيماً فَدَعَا بِمَا دَعَا بِهِ فنبذ بالعراء وَهُوَ سقيم فأنبت الله {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} فَكَانَ فِيهَا غذاه حَتَّى اشْتَدَّ الْعظم وَنبت اللَّحْم وَالشعر والبشر فَعَاد كَمَا كَانَ فَبعث الله عَلَيْهَا ريحًا فيبست فَبكى عَلَيْهَا فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا يُونُس أَتَبْكِي على شَجَرَة جعل

<<  <  ج: ص:  >  >>