للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- شروط التيمم:

- هي شروط صحة الطهارة بالوضوء والغسل، ويضاف إليها:

-١- أن يوجب العذر المبيح للتيمم، على التفصيل المتقدم

-٢-أن يكون بتراب طهور، لحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء) (مسلم ج ١/كتاب المساجد ومواضع الصلاة/ ٤)

ولقوله تعالى: {فتيمموا صعيداً طيباً} فسر السادة الشافعية الصعيد الطيب بالتراب المنبت مستندين في ذلك إلى قوله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه} (الأعراف: ٥٨) والصعيد هو الذي له غبار، فلا يصح التيمم عند الشافعية بغير التراب، ولا بتراب فيه نداوة، لأن الندي يلصق بالعضو ولا غبار له، ولا يصح بتراب استحجر إلا أن يدق ليصبح له غبار، ولا يصح بتراب مستعمل، لأن استعماله يسلبه الطهورية فيصبح طاهراً غير مطهر، والمستعمل هو ما بقي على العضو أو تناثر منه، ويصح التيمم بتراب مغصوب مع أنه حرام، وبتراب مقبرة لم تنبش، لأن المنبوشة ترابها نجس، لو شك ينبش التراب صح التيمم لأن الأصل في الأشياء طهارتها، ولا يصح التيمم بالتراب الذي خالطته النجاسة كثيراً كان أو قليلاً.

ويجوز أن يتيمم الجماعة من موضع واحد، كما جاز أن يتوضؤوا من إناء واحد، ويجوز أن يتيمم الواحد من تراب يسير يستصحبه معه في خرقة ونحوها مرات، كما يتوضأ من إناء مرات، ويجوز أن يتيمم من غبار تراب على مخدة أو ثوب أو حصير أو جدار أو أداة أو ظهر حيوان طاهر ونحوه، ودليله حديث أبي جهيم الأنصاري رضي الله عنه قال: "أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام" (البخاري ج ١/كتاب التيمم باب ٢/٣٣٠) ولأنه قصد الصعيد، فلا فرق بين أن يكون على الأرض أو على غيرها.

-٣- ألا يخالط التراب دقيق أو جص يمنع مرور التراب على جميع العضو، وعليه فإنه يجوز التيمم برمل خالطه تراب له غبار

-٤- أن يزيل النجاسة عن بدنه

-٥- أن يقع التيمم بعد دخول الوقت (سواء وقت المكتوبة، أو النافلة المؤقتة، أو المنذورة المؤقتة) يقيناً أو ظناً، سواء كان التيمم عن كامل الطهارة أو عن طهارة عضو، لما عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وجعلت لي الأرض مساجد وطهوراً، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت) (مسند الإمام أحمد ج ٢ / ص ٢٢٢) والإدراك لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعاً، فإن تيمم قبل دخول الوقت، أو شك في دخوله، لم يصح التيمم وإن صادف الوقت، لأن التيمم طهارة ضرورة ولا ضرورة قبل دخول الوقت.

ويجوز للخطيب أن يتيمم للجمعة قبل الخطبة، لأن وقتها دخل بالزوال وتقدم الخطبة إنما هو شرط لصحة فعلها.

والوقت شامل لوقت العذر عند جمع الصلاة تقديماً أو تأخيراً، فيتيمم للعصر عقب الظهر إذا جمعها تقديماً، وكذلك العشاء مع المغرب، فإنه يتيمم للعشاء بعد صلاة المغرب.

ويدخل وقت صلاة الجنازة بانقضاء طهر الميت من غسل أو تيمم، لكن يكر التيمم لها قبل التكفين، ويدخل وقت صلاة الاستسقاء بإرادة فعلها وبالاجتماع لها إن صليت جماعة، ووقت صلاة الكسوف والخسوف بتغير الكواكب، ووقت صلاة النفل المطلق بإرادته في أي وقت، سوى أوقات الحرمة، ووقت صلاة تحية المسجد بدخوله، ووقت سجود الشكر بإرادته، ووقت سجود التلاوة بالانتهاء من قراءة الآية أو سماعها.

-٦- أن يتيمم لكل فرض عين، وبهذا التيمم نفسه تصح صلاة النافلة، وهذا واضح من اشتراط دخول الوقت للتيمم. وأحسن ما يحتج به في هذا المجال قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء، فلم تجدوا ماء فتيمموا} (المائدة: ٦) فهذه الآية توجب الوضوء والتيمم لكل صلاة، لأنه لا قيام إلى الصلاة قبل دخول الوقت، وقد خرج الوضوء بالإجماع والسنة لما روى بريدة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه. فقال له عمر لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه. قال: (عمداً صنعته يا عمر) " (مسلم ج ١ / كتاب الطهارة باب ٢٥/ ٨٦) فيبقى التيمم بمقتضى الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>