للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١- فقد شرط من شروط صحتها مع القدرة عليه، سواء دخل فيها بخلافه، أو دخل فيها وهو موجود ثم أخل به. وينضوي تحت هذا:

(١) ملاقاة النجاسة التي لا يعفى عنها.

(٢) الحدث قبل التسليمة الأولى

(٣) انكشاف العورة أو شيء منها.

(٤) الانحراف عن القبلة (مر تفصيل هذه المبطلات الأربعة عند بحث شروط صحة الصلاة)

(٥) الردة والعياذ بالله.

-٢- قطع ركن عمداً: كأن يعتدل قبل تمام الركوع، أو يسجد عامداً قبل تمام الاعتدال، أو يجلس للتشهد عامداً قبل تمام السجدة الثانية.

-٣- ترك ركن من الأركان، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ارجع فصل فإنك لم تصل) .

-٤- تقديم ركن فعلي على محله عمداً، بخلاف الركن القولي فتقديمه على محله لا يبطل، ولكن لا يعتد بالمقدم بل يعيده في محله، ويستثنى من الركن القولي السلام فتقديمه عمداً يبطل الصلاة.

-٥- تطويل الركن القصير (تقديم تحديد الطويل والقصير من الأركان) عمداً، وضابط التطويل أن يطول الاعتدال بقدر قراءة الفاتحة زيادة على الدعاء الوارد فيه، وأن يطول الجلوس بين السجدتين بقدر أقل التشهد زيادة على الذكر الوارد فيه، فإن كان دون ذلك فلا يبطل (أما الاعتدال فعلى أنه ركن قصير، إلا أن النووي يرى أن الأقوى جواز تطويله لورود النص، فقد روى مسلم عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة، ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سال، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: (سبحان ري العظيم) فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: (سمع الله لمن حمده) ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: (سبحان ربي الأعلى) فكان سجوده قريباً من قيامه" مسلم ج ١/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب ٢٧/٢٠٣. قال النووي: "وفي التصريح بجواز إطالة الاعتدال بالذكر، والجواب عنه صعب على من منع الإطالة، فالأقوى جوازها بالذكر والله أعلم".)

-٦- أن يطول زمن الشك (ويختلف الشك عن الوسواس الذي يصاب به بعض الناس) في النية وتكبيرة الإحرام حتى يمضي ركن قولي أو فعلي: فمن شك هل كبر للإحرام أم لا أو هل نوى أم لا؟ أو هل أتى ببعض شروط النية أم لا؟ وهو في الصلاة فينبغي له ألا يفعل شيئاً في حال الشك، فإن تذكر أنه أتى بكمال ذلك قبل أن يفعل شيئاً على الشك، وقصر الزمان، لم تبطل صلاته بلا خلاف، وإن طال بطلت لانقطاع نظمها، وإن تذكر بعد أن أتى مع الشك بركن فعلي أو قولي بطلت صلاته.

-٧- العزم على قطع الصلاة؛ كأن يعزم في الركعة الأولى على قطعها في الثانية فتبطل في الحال، وكذا إذا شط في قطعها كأن يتردد هل يخرج منها أو يستمر، بطلت، ومثله أن يعلق قطعها بشيء، لأن النية شرط في جميع الصلاة، وقد قطع ذلك بما فعل فبطلت صلاته كالطهارة إذا قطعها بالحدث.

ولو دخل في الظهر مثلاً ثم نوى صرف النية إلى العصر بطل الظهر لأنه قطع نيته، ولم تصح العصر لأنه لم ينوه عند الإحرام.

ويحرم على المصلي إذا دخل في الصلاة المكتوبة قطعها إلا لضرورة؛ كإنقاذ حياة طفل، أو تجنب حصول ضرر شديد كنشوب حريق. ويجوز قطع النافلة إجابة لأحد الوالدين إن لم يعلم أنه في صلاة، وكان يشق عليه عدم الإجابة.

-٨- تخلف المأموم عن إمامه أو تقدمه عليه بركنين فعليين عمداً لغير عذر.

-٩- الكلام الكثير ولو مكرهاً. ودليله: قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث يسار بن معاوية ابن الحكم السَّلمي ض: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) (مسلم ج ١/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب ٧/٣٣)

وَحَدُّ الكلام الذي يبطل الصلاة موضح فيما يلي:

(١) أن يتكلم عمداً بحرفين من حروف الهجاء فأكثر، ولو لمصلحة الصلاة، ولو لم يفهما، أو حرف واحد مفهم لمعنى كما إذا قال: عِ أو قِ (أمران من وعى، ووقى)

أما إن تكلم عمداً بحرف غير مفهم فلا تبطل صلاته إلا إن قصد بنطقه إبطال صلاته، فتبطل عندئذ لأن فعله شروع في الإبطال.

(٢) وتبطل الصلاة إذا بان منه حرف مفهم أو حرفان غير مفهومين، أثناء تنحنحه (التنحنح: تردد الصوت في الصدر) أو ضحكه أو أنينه أو بكائه - ولو خشية من الله تعالى-٠ أو بنفخ من أنفه أو فمه أو بسعاله أو عطاسه أو تأوهه، إن كان قادراً على كتمه، أما إن لم يخرج شيئاً من الأحرف بكل ذلك فلا تبطل الصلاة.

وإن خرج منه صوت كالنهيق أو الصهيل أو صوت الطائر دون أن يظهر ذلك حرفاً لم تبطل الصلاة ما لم يقصد بذلك اللعب.

(٣) إذا نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم والإعلام لا بقصد التلاوة، كأن يأذن لرجل بالدخول فيقول له: {ادخلوها بسلام آمنين} بطلت صلاته/ وكذلك لو أطلق دون قصد تبطل صلاته لأنه أشبه كلام الآدميين. أما إن قصد التفهيم مع التلاوة فلا تبطل.

ويعذر بالكلام في الصلاة في حالات:

(١) أن يسبق لسانه إلى الكلام بغير قصد، أو يغلبه الضحك أو العطاس أو السعال ويظهر منه حرفان.

(٢) أن يتكلم ناسياً، أو جاهلاً للتحريم بسبب قرب عهده بالإسلام، أو نشوئه في بادية بعيدة عن العلماء، على أن يكون الكلام يسيراً، وضابط اليسير ست كلمات عرفية فأقل، أما إذا تجاوز الست كلمات فإنه يقطع الصلاة.

(٣) يعذر في التنحنح، ولو كثر إن تعذر عليه النطق بركن قولي من أركان الصلاة كقراءة الفاتحة.

كما لا تبطل الصلاة بما يلي من الكلام:

(١) الذكر والدعاء إلا أن يكون خطاباً لمخلوق، كرد السلام وتشميت العاطس وقوله: غفر الله لك، أو عافاك الله، أما إن قال ذلك جميعه بغير لفظ الخطاب، كما لو قال: وعليه السلام، أو يرحمه الله أو عافاه الله، فلا تبطل لأنه دعاء محض

(٢) التلفظ بقربة كالعتق ونذر التبرر (إن لفظه دون أن يعلق أو يعقب على النذر، ودون مخاطبة أحد. ويقسم النذر إلى قسمين:

أولاً- نذر التبرر وهو نوعان آ- نذر تبرر منجز: وهو ما أوجب على نفسه فعله تقرباً إلى الله تعالى، ولا يكون إلا بطاعة غير واجبة، كأن يقول: لله علي صوم كذا، أو علي صوم كذا، دون ذكر لفظ الجلالة، وهذا لازم الأداء، ولا يبطل الصلاة إن لفظه أثناءها ب- التبرر المعلق: هو كنذر التبرر المنجز إلا أنه متعلق بمرغوب فيه، كأن يقول: لله علي صوم كذا شفي فلان، فإن تحقق النذر لزمه أداء ما التزم، وهذا لا يصح لفظه بالصلاة.

ثانياً- نذر اللجاج أو الخصومة أو الغضب: وهو ما تعرق بمرغوب عنه، كحث على فعل شيء، أو منعه منه أو تحقيق خبر، فإذا تحقق النذر فهو بالخيار إما أداء ما التزمه أو التكفير بكفارة يمين، ونذر اللجاج مكروه) مثل ذبح لله تعالى أو صوم أو صلاة لأنه مناجاة لله تعالى، ولا تبطل الصلاة لأنه لو انتظر حتى ينتهي منها قد تحدثه نفسه بالرجوع عن النذر.

كما لا تبطل الصلاة بالسكوت الطويل بلا عذر (في الأركان الطويلة بلا شك، / لأنه مر أن تطويل الركن القصير عمداً مبطل للصلاة)

ويسن لمن نابه شيء في الصلاة (كأن كلمه إنسان وهو في الصلاة فأراد إعلامه أن يصلي، أو سها الإمام فأراد أن يعلمه السهو) أن يسبح الله تعالى (بقصد الذكر مع الإعلام، أما إن قصد الإعلام وحده فتبطل صلاته) إن كان رجلاً، أما إن كانت امرأة فتصفق ببطن الكف على ظهر الكف الأيسر أو العكس (أما إن ضربت بطناً ببطن على وجه اللعب ولو قليلاً فتبطل صلاتها لمنافاته الخشوع إلا إن جهلت التحريم) ولو صفق وسبحت فقد خالفا السنة ولا تبطل صلاتهما. عن سهل بن سعد رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث نيابة أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في إمامة الناس: (من نابه شيء في صلاة فليسبح، فإنه إذا سبَّح التفت إليه، وإنما التصفيح للنساء) " (مسلم ج ١/ كتاب الصلاة باب ٢٢/١٠٢ وفي نسخة أخرى التصفيق بدل التصفيح، وهما بمعنى واحد.)

-١٠- الزيادة على أفعال الصلاة:

(١) إن كان الفعل من جنس أفعال الصلاة، بأن زاد ركوعاً أو غيره من الأركان الفعلية (ولا تقاس زيادة الركن القولي، على زيادة الركن الفعلي، فتكرار قراءة الفاتحة لا يبطل الصلاة لأنه لا يغير نظمها، لأنه تكرار ذكر فهو كما لو قرأ السورة بعد الفاتحة مرتين. ويستثنى من ذلك السلام فزيادته عمداً تبطل)

آ- فإن كان عامداً بطلت صلاته قل العمل أو كثر لأنه متلاعب بالصلاة.

ب- وإن كان ناسياً لم تبطل قل العمل أو كثر، لحديث عبد الله رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: (وما ذاك؟) قال: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سلم" (البخاري ج ١/ كتاب أبواب السهو باب ٢/١١٦٨) ولأنه لا يمكن الاحتراز منه.

(٢) أما إن لم يكن العمل من جنس الصلاة، كالمشي والضرب وإصلاح الرداء والإشارة:

آ- فإن كان قليلاً لم تبطل صلاته عمداً فعله أو سهواً إلا إذا قصد به اللعب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلي بدفع المارين بين يديه، على ما قدمنا، وأمر بقتل الأسودين، الحية والعقرب، في الصلاة (انظر أبو داود ج ١/ كتاب الصلاة باب ١٦٩/٩٢١) وحمل أمامة بن أبي العاض فكان إذا سجد وضعها فإذا قام رفعها (انظر مسلم ج ١ / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب ٩/٤١) وقد جاوب بعضهم على حمله صلى الله عليه وسلم أمامة باحتمال طهارة ثيابها، أو أن ذلك من خصوصياته ث أما لو ركب طفل على ظهر مصل مع تحقق نجاسة ثيابه فإن صلاته تبطل، بخلافه مع يقين الطهارة فإن ذلك لا يضر) وسلم عليه الأنصار فرد عليهم في الصلاة باسطاً كفه جاعلاً بطنه أسفل وظهره إلى فوق (انظر أبو داود ج ١/كتاب الصلاة باب ١٧٠/٩٢٧)

ولأن المصلي لا يخلو من عمل قليل، فلم تبطل صلاته بذلك.

ب- وإن كان كثيراً - بأن مشى خطوات متتابعات، أو ضرب ضربات متواليات - بطلت صلاته عمداً فعله أو سهواً لأنه لا تدعو إليه الحاجة في الغالب.

وضابط الكثير يرجع فيه إلى العادة، فلا يضر ما يعده الناس قليلاً، كالإشارة برد السلام، وخلع النعل، ورفع العمامة ووضعها، ولبس ثوب خفيف ومزعه، وحمل صغير ووضعه. قالوا: وعليه فالفَعَلات الثلاث كثير بلا خلاف، ولا يشترط أن تكون الأفعال الثلاثة من نوع واحد فمثلاً إذا حرك رأسه ويده ومشى اعتبر ذلك عملاً كثيراً يبطل الصلاة.

ومن العمل الكثير الوثبة الفاحشة المفردة، وكذا تحريك البدن كله أو معظمه، ولو من غير نقل قدميه، والضربة المفرطة.

وشروط إبطال الصلاة في العمل الكثير:

(١) التتابع عرفاً، كأن لا يطمئن بين الفعلين.

(٢) أن يكون الفعل بعضو ثقيل، فإن كان بعضو خفيف، فلا يبطل الصلاة كتحرك أصابعه، كل أصبح بمفردها، من غير تحريك الكف (أما تحريك الأصابع جميعها بحيث يتحرك معها الكف كما هو الغالب، فإنه يضر مع التوالي) في سبحة أو حكة أو حل أو عقد أو تحريك لسانه، أو شفتيه من غير تحريك الحنك، أو تحريك حاجبيه أو أجفانه فكل هذه الحركات لا تبطل ولو كثرت متوالية، لكن يكره إن تعمده.

-١١- الأكل والشرب:

(١) الأكل والشرب الكثيران يبطلان الصلاة، ولو كان الفاعل ناسياً، أو جاهلاً بإبطاله الصلاة بخلاف الصوم، فلا يبطل صومه بالأكل والشرك إن كان جاهلاً بشروط الصوم (لقرب عهده بالإسلام أو نشوئه بعيداً عن العلم والعلماء) أو كان ناسياً للصوم، ولو كثر، ولهذا التفريق بين الصوم والصلاة أسباب منها

آ- أن للصلاة هيئة مذكرة بخلاف الصوم

ب- أن الصلاة ذات أفعال منظومة، فكثير الأكل والشرب يقطع نظمها بخلاف الصوم فإنه كف وإمساك

(٢) الأكل والشرب القليلان لا يبطلان الصلاة إن فعلهما ناسياً أو جاهلاً معذوراً أما العامد فتبطل صلاته قل الطعام أو كثر، حتى لو نزلت من رأسه نخامة فابتلعها عمداً بطلت صلاته، بخلاف ما لو لم يتمكن من إمساكها. ولا بأس بجري الريق بين الأسنان إلا إذا انفصل شيء من الطعام مع الريق فابتلعه المصلي، فإنه يبطل الصلاة.

وأما المكره ولو على قليل الأكل والشرب في الصلاة فتبطل صلاته لأن هذه الحالة نادرة الوقوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>