للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩٩- أَجْشَعُ مِنْ أَسْرَى الدُّخَان.

ذكر أبو عبيدة أنهم الذين كانوا قَطَعوا على لَطِيمة كسرى، وكانوا من تميم، وذكر ابن الأعرابي أنهم كانوا من بني حَنْظلة خاصة وأن كسرى كَتَب إلى المُكَعْبر مرْدان به عامله على البحرين: أَنِ ادْعُهم إلى المُشَقَّر وأظهر أنك تدعوهم إلى الطعام، فتقدم المُكَعْبَر في اتخاذ طعام على ظهر الحِصْن بحَطَب رَطْب، فارتفع منه دخان عظيم، وبعث إليهم يَعْرِض الطعام عليهم، فاغتروا بالدخان، وجاءوا فدخلوا الحصن، فأصفق البابَ عليهم، فغبروا هناك يُستعملون في مِهَن البناء وغيره، فجاء الإسلام وقد بقي البعض منهم، فأخرجهم العَلاَء بن الحَضْرَمي في أيام أبي بكر رضي الله عنه، فسار بهم المثل فقيل فيمن قتل منهم: ليس بأول من قتله الدخان، وأَجْشَع من أسرى الدخان، وأجشع من الوافدين على الدخان، وأجشع من وَفْدِ تميم، وقال الشاعر في ذلك:

إذا ما مات مَيْتٌ من تميم ... فَسَرَّكَ أن يعيشَ فجِيء بزاد

بِخُبْزٍ أو بسَمْن أو بِتَمْر ... أو الشيء المُلَفَّفِ في البِجَاد

تَرَاهُ يطوف في الآفاق حِرْصاً ... ليأكل رأسَ لقمانَ بن عاد

ومازح معاوية الأحنف فما رُئي مازحان أوقَرَ منهما، فقال له: يا أَحْنَفُ ما الشيء المُلَفَّفُ في البِجاد؟ فقال الأحنف: السَّخِينة يا أمير المؤمنين، أراد معاوية قول الشاعر:

أو الشيء المُلَفَّفُ في البِجاد ... وهو الوَطْب من اللبن، وأراد الأحْنَفُ بقوله "السخينة" قولَ عبد الله بن الزِّبَعْرَي:

زَعَمَتْ سَخِينَةُ أن سَتَغْلِب رَبَّهَا ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ

وذلك أن قريشاً كانت تُعَيَّر بأكل السخينة، وهي حِساء من دقيق يُتَّخذ عند غلاء السعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>