للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨٧- أَحْكَمُ مِنْ لُقْمَانَ، وَمِنْ زَرْقَاءِ اليَمَامَةِ.

قال النابغة في زَرْقَاء اليمامة يخاطب النعمان:

واحْكم كحكم فَتَاة الحيِّ إذا نَظَرتْ ... إلى حَمَامٍ سِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَد

يَحُفُّهُ جَانِباَ نِيقٍ وَتُتْبِعُهُ ... مِثْلَ الزجاجة لم تُكْحَلْ مِنَ الرَّمَدِ

قالَتْ أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامُ لَنَا ... إلى حَمَامَتِنَا أَوْ نِصْفَهُ فَقَدِ

فَحَسبُوهُ فألفَوْهُ كَمَا ذكَرَتْ ... تسعا وتسعين لَمْ ينقص ولم يَزِدِ

وكانت نظرت إلى سِرْبٍ من حمام طائر فيه ست وستون حمامة، وعندها حمامة واحدة، فقالت:

لَيْتَ الْحَمَامَ لِيَهْ ... إلَى حَمَامَتِيَهْ

وَنِصْفَهُ قَدِيَهْ ... تَمَّ الْحَمَامُ مِيَهْ

وقال بعض أصحاب المعاني: إن النابغة لما أراد مَدْحَ هذه الحكيمة الحاسبة بسُرْعَة إصابتها شدَّد الأمر وضَيَّقه ليكون أحسنَ له إذا أصاب، فجعله حَزْراً لطير، إذ كان الطير أخفَّ ما يتحرك، ثم جعله حماما، إذ كان الحمام أسرعَ الطير، ثم كثر العدد، إذ كانت المسابقة مقرونة بها، وذلك أن الحمام يشتدُّ ⦗٢٢٣⦘ طيرانها عند المسابقة المنافسة، ثم ذكر أنها طارت بين نِيقَيْنِ، لأن الحمام إذا كان في مَضِيق من الهواء كان أسرعَ طيرانا منه إذا اتسع عليه الفضاء، ثم جعله واردَ الماء، لأن الحمام إذا ورد الماء أعانه الحرصُ على الماء على سرعة الطيران.

<<  <  ج: ص:  >  >>