للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٦٤- أخْلَى مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ.

و"أخرب من جوف حمار" قالوا: هو رجل من عاد، وجَوْفه: وادٍ كان يحله، ذو ماء وشجر، فخرج بنوه يتصيدون، فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم، فكفر وقال: لا أعبد ربا فعل ذا ببنيَّ، ثم دعا قومَه إلى الكفر، فمن عَصَاه قتله، فأهلكه الله وأخرب واديه، فضربت العرب به المثل في الخراب والخلاء، وقالوا "أخْرَبُ من جوف الحمار" و "أخلى من جوف حمار" وأكثرت الشعراء ذكره في أشعارهم، فمن ذلك قول بعضهم:

وَبِشُؤْمِ الْبَغْيِ وَالْغَشْمِ قَدِيماً ... ما خَلا جَوْفٌ ولم يبق حِمَار

هذا قول هشام الكلبي. وقال غيره: ليس حمار ههنا اسمَ رجل، بل هو الحمار بعينه، واحتج بقول من يقول "أخلى من جوف العَيْر" قال: ومعنى ذلك أن الحمار إذا صِيدَ لم ينتفع بشيء مما في جوفه، بل يرمى به ولا يؤكل، واحتج أيضا بقول من قال "شَرُّ المالِ ما لا يزكى ولا يذكى" فقال: إنما عنى به الحمار، لأنه لا تجب فيه زكاة، ولا يُذْبَح فيؤكل، وقال أبو نصر في قول امرئ القيس:

وَوَادٍ كَجَوْفِ الْعَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه ...

العير عند الأصمعي: الحمار، يذهب إلى أنه ليس في جوف الحمار إذا صيد شيء ينتفع به، فجوف الحمار عندهم بمنزلة الوادي القفر الذي لا منفعة للناس والبهائم فيه. وقال: قال الأصمعي: حدثني ابن الكلبي عن فروة ابن سعيد عن عفيف الكندي أن هذا الذي ذكرته العرب كان رجلا من بقايا عاد يقال له "حمار بن مُوَيْلع" فعَدَلَت العرب عند تسميته عن ذكر الحمار إلى ذكر العَيْرِ لأنه في الشعر أخف وأسهل مَخْرَجا.

<<  <  ج: ص:  >  >>