للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٥٩٣- هَلُمَّ جَرَّا

قَالَ المفضل: أي تَعَالوا على هِينَتكم كما يسهل عليكم، وأصل ذلك من الجر في السَّوْق، وهو أن تترك الإبل والغنم ترعى ⦗٤٠٣⦘

في سيرها، قال الراجز:

لطالما جَرَرْتُكُنَّ جَرَّا ... حتى نَوَى الأَعْجَفُ وَاسْتَمَرَّا

فَاليَوْمَ لاَ آلُو الركاب شرّاً

وأول من قَالَ ذلك المستطعمُ عَمْرو بن حمران الجَعْدِي زُبْداً وتامكا، حتى قَالَ له عمرو: كلاَهما وتمرا، وقد مر ذكرها في حرف الكاف (انظر المثل رقم ٣٠٧٩)

واسم ذلك الرجل عائذ، وكان له أخ يسمى جندلة، وهما ابنا يزيد اليشكري، ولما رجع عائذ قَالَ له أخوه جندلة:

أعائذُ لَيْتَ شَعْرِى أي أرضِ ... رَمَتْ بك بعد ما قَدْ غِبْتَ دَهْرَا

فلم يَكُ يُرْتَجِي لكم إيابُ ... ولم نَعْرِفْ لدارك مُسْتَقَرَّا

فقد كان الفراقُ أذابَ جِسْمِي ... وكان العيشُ بعد الصَّفْوِ كَدْرَا

وكم قاسَيْتُ عَائِذُ من فظيع ... وكَمْ جاوَزْتُ أمْلَسَ مُقْشَعِرَّا

إذا جاوزتها اسْتَقْبَلْت أخرى ... وأقود مُشْمَخِرّ النِّيقِ وَعْرَا

فأجابه عائذ، فَقَالَ:

أجَنْدَل كَمْ قَطَعْتُ إليكَ أرْضاً ... يَمُوتُ بها أبو الأشْبَال ذُعْرَا

قَطَعْتُ وَلاَ مِعَاتُ الآلِ تَجْرِي ... وقد أوترت في الموماة كدرا

وَطَامِسَةُ المُتونِ ذَعَرْتُ فِيهَا ... خَوَاضِبَ ذَاتَ أرْآلٍ وَغُبرَا

وإن جَاوَزْت مُقْفِرَةً رَمَتْ بي ... إلى أخْرَى كَتِلْكَ هَلُمَّ جَرَّا

فَلَمَّا لاَحَ لي سَغَبٌ ولُوحٌ ... وقد مَتَعَ النَّهَارُ لقيت عَمْرَا

فَقُلْتُ: فَهَاتِ زُبْداً أوْ سَنَاماً ... فَقَالَ: كِلاَهُما وَتَزْادُ تَمْرَا

فَقَدَّمَ لِلْقِرَى شطبا وزبدا ... وَظَلْتُ لَدِيهِ عَشْراً ثم عَشْرَا

فذهب قولُه مثلاً

<<  <  ج: ص:  >  >>