للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٦٩- أَجْبَنُ مِنَ الْمَنْزُوفِ ضَرِطاً.

قالوا: كان من حديثه أن نسوة من العرب لم يكن لهنَّ رجلٌ، فزوجْنَ إحداهن رجلا كان ينام الضحى، فإذا أتينه بصَبُوح قُلْنَ: قم فاصْطَبِحْ، فيقول: لو نَبَّهْتنني لعاديةٍ، فلما رأين ذلك قال بعضهن لبعض: إن صاحبنَا لشُجاع، فتعاَلَيْنَ حتى نجربه، فأتينه كما كنَّ يأتينه فأيقظنه، فقال: لو لعادية نبهتنني، فقلن: هذه نَوَاصي الخيل، فجعل يقول: الخيل، الخيل، ويَضْرُط، حتى مات وفيه قول آخر، قال أبو عبيدة: كانت دَخْتَنُوس بنتُ لقيط بن زُرَارة تحت عمرو بن عمرو، وكان شيخاً أبْرَصَ، فوضع رأسه يوماً في حِجْرها فهي تهمهم في رأسه إذ جَخَفَ عمرو وسال لُعابه، وهو بين النائم واليقظان، فسمعها تؤفِّف، فقال: ما قلت؟ فحادت عن ذلك، فقال لها: أيَسُرُّك أن أفارقك؟ قالت: نعم، فطلقها فنكحها فتى جَميل جسيم من بني زُرَارة، قال محمد بن حبيب: نكحها عمير بن عمارة ابن معبد بن زرارة، ثم إن بكر بن وائل أغاروا على بني دارم، وكان زوجها نائما يَنْخَر، فنبهته وهي تظن أن فيه خيراً، فقالت: الغارة، فلم يزل الرجل يَحْبق حتى مات، فسمى المنزوف ضرطا، وأخِذَت دَخْتَنُوس، فأدركهم الحى فطلب عمرو بن عمرو أن يَرُدُّوا دختنوس، فأبوا، فزعم بنو دارم أن عمرا قتل منهم ثلاثة رَهْطٍ، وكان في السَّرْعَان، فردوها إليه، فجعلها أمامه، وقال:

أيَّ خَلِيلَيْكِ وَجَدْتِ خَيْرَا ... أألْعَظِيم فَيْشَةً وأيْرَا

أمِ الذي يأتِي العَدُوّ سَيْرا ... وردها إلى أهلها.

ويقال في حديثه غير هذا، زعموا أن رجلين من العرب خَرَجا في فَلاَة، فلاحت لهما شجرة، فقال واحد منهما لرفيقه: أرى قوما قد رَصَدُونا، فقال الرفيق: إنما هو عُشَرة، فظنَّه يقول عَشَرَة، فجعل يقول: وما غَنَاء اثنين عن عَشَرة؟ ويضرط حتى مات.

ويقال فيه وجه آخر، زعموا أنه كانت تحت لُجَيم بن صَعْب بن علي بن بكر بن وائل امرأةٌ من غنزة بن أسد بن ربيعة يقال لها حَذَامِ بنت العتيك بن أسلم بن يذكر ابن عنزة بن أسد بن ربيعة، فولدت له عجل ابن لجيم والأوقص بن لجيم، ثم تزوج بعد حذام صفية بنت كاهل بن أسد بن خزيمة، ⦗١٨١⦘ فولدت له حَنيفة بن لجيم، ثم إنه وقع بين امرأتيه تنازع فقال لجيم:

إذا قالت حَذَامِ فصدِّقوها ... فإن القول ما قالت حَذَامِ

فذهبت مثلا، ثم إن عجل بن لجيم تزوج الماشرية بنت نهسر بن بدر بن بكر ابن وائل، وكانت قبله عند الأحرز بن عون العبدي فطلقها وهي نُسَءْ لأشهرٍ، فقالت لعجل حين تزوجها: احفظ عليّ ولدي، قال: نعم، فلما ولدت سماهُ عجل سعدا، وشبَّ الغلامُ فخرج به عجل ليدفعه إلى الأحرز بن عون وينصرف، وأقبل حنيفة بن لجيم من سفر فتلقاة بنو أخيه عجل فلم يَرَ فيهم سعدا، فسألهم عنه، فقالوا: انْطَلَقَ به عجل إلى أبيه ليدفعه إليه، فسار في طلبه فوجده راجعا قد دفعه إلى أبيه، فقال: ما صنعت يا عشمة؟ وهل للغلام أب غيرك؟ وجمع إليه بني أخيه، وسار إلى الأحرز ليأخذ سعدا، فوجده مع أبيه ومولًى له، فاقتتلوا فخَذَله مولاهُ بالتنحِّي عنه، فقال له الأحرز: يا بنيّ، ألا تعينني على حنيفة؟ فكعّ الغلام عنه، فقال الأحرز: ابنُكَ ابنُ بوحك، الذي يشرب من صَبُوحك، فذهبت مثلا، فضرب حنيفة الأحرز فجَذَمه بالسيف، فيومئذ سمى جَذِيمة، وضرب الأحرز حنيفة على رجله فحَنَفَها، فسمى حنيفة، وكان اسمه أثال بن لجيم، فلما رأى مولى الأحرز ما أصاب الأحرز وقع عليه الضراط فمات، فقال حنيفة: هذا هو المنزوف ضرطا، فذهبت مثلا، وأخذ حنيفة سعدا فردَّه إلى عجل، فإلى اليوم ينسب إلى عجل.

ووجه آخر، زعموا أن المنزوف ضرطا دابة بين الكلب والذئب، إذا صِيحَ بها وَقَع عليها الضراط من الجُبْن.

<<  <  ج: ص:  >  >>