للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-ولد النبي صلى الله عليه وسلم في فجر يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول (وأهل مكة يزورون موضع مولده في هذا الوقت) في عام الفيل ولأربعين سنة خلت من حكم كسرى أنوشروان خسرو بن قياذ بن فيروز ٢٠ أغسطس سنة (٥٧٠) بمكة (١) في الدار التي صارت تدعى لمحمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج. وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب ونزل على يد الشفا أم عبد الرحمن بن عوف فهي قابلته رافعاً بصره إلى السماء واضعاً يده بالأرض وكانت أمه تحدث أنها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل وكان يطوف بالبيت تلك الليلة فجاء إليها فقالت له يا أبا الحارث ولد لك مولود عجيب فذعر عبد المطلب وقال أليس بشراً سوياً؟ فقالت نعم ولكن سقط ساجداً ثم رفع رأسه وأصبعيه إلى السماء فأخرجته ونظر إليه وأخذه ودخل به الكعبة وعوذه ودعا له ثم خرج ودفعه إليها. وهو الذي سماه محمداً.. فقيل كيف سميت بهذا الاسم وليس لأحد من آبائك فقال أني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم. وكانت تلك السنة التي حمل فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم سنة الفتح والابتهاج فإن قريشاً كانت قبل ذلك في جدب وضيق في تلك السنة ... ومن عجيب ولادته ما روى من ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة [من؟؟] شرفاته وذلك إشارة إلى أنه لم يبق من ملوكهم المستنين بالملك إلا أربعة عشر ملكا فهلك عشرة في أربع سنين وهلك أربعة إلى زمن عثمان رضي الله عنه. وغيض بحيرة طبرية وخمود نار فارس وكان على ما يقال لها ألف عام لم تخمد كما رواه البيهقي وأبو نعيم والخرائطي في الهواتف وابن عساكر. ومن ذلك أيضاً ما وقع من زيادة حراسة السماء بالشهب وقطع رصد الشياطين ومنعهم من استراق السمع. ولقد أحسن الشقراطيسي حيث قال:

ضاءت لمولده الآفاق واتصلت ... بشرى الهواتف في الإشراق والطفل

وصرح كسرى تداعى من قواعده ... وانقض منكسر الأرجاء ذا ميل

ونار فارس لم توقد وما خمدت ... مذ ألف عام ونهر القوم لم يسل

خرت لمبعثه الأوثان وانبعثت ... ثواقب الشهب ترمى الجن بالشهب

وينسب بعضهم ذلك إلى أنه حدث في ذلك الوقت زلزال عظيم. قال اليعقوبي في تاريخه: "وأصابت الناس زلزلة عمت جميع الدنيا الخ". ويروى أن الرشيد أراد هدم إيوان كسرى فقال له وزيره يحيى بن خالد البرمكي يا أمير المؤمنين لا تهدم بناء هو آية الإسلام. وقال البوصيري في الهمزية:

وتدعى إيوان كسرى ولولا ... آية منك ما تداعى البناء

وغدا كل بيت نار وفيه ... كربة من خمودها وبلاء

وعيون للفرس غارت فهل كا ... ن (كان) لنيرانهم بها إطفاء


(١) كان علماء الجغرافيا من الإغريق يطلقون على اسم مكة ما كورابا Makoraba

<<  <  ج: ص:  >  >>