للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-اختلف في سبب تسمية هذه الغزوة بذات الرقاع. قيل هي اسم شجرة في موقع الغزوة سميت بها. وقيل لأن أقدامهم نقبت من المشي فلفوا عليها الخرق. وقيل بل سميت برقاع كانت في ألويتهم. وقيل ذات الرقاع جبل فيه سواد وبياض وحمرة فكأنها رقاع في الجبل فسميت الغزوة بذلك الجبل والأصح أنه موضع لقول دُعثور

حتى إذا كنا بذات الرقاع.

وتسمى هذه الغزوة غزوة محارب وغزوة بني ثعلبة وغزوة بني أنمار وغزوة صلاة الخوف لوقوعها فيها.

قال ابن اسحاق: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهيري ربيع وبعض شهر جمادى ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان نخل وهي ذات الرقاع فلقي بها جمعاً من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ثم انصرف المسلمون.

صلاة الخوف جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل نجد فوازينا العدو فصاففنا لهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدو وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين.

وسبب خروجه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغزوة أنه بلغه أنهم جمعوا جموعاً لمحاربته صلى الله عليه وسلم فأخبر أصحابه وأمرهم بالتجهز ثم خرج في أربعمائة من أصحابه وقيل أكثر من ذلك واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري رضي الله عنه وقيل عثمان بن عفان رضي الله عنه وسار إلى أن وصل إلى موضع يسمى وادي الشقرة وبث السرايا فرجعوا إليه من الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحداً فسار حتى نزل نخلا وهو موضع من نجد من أراضي غطفان فلم يجد في مجالسهم إلا نسوة فأخذهن فبلغ الخبر القوم فخافوا وتفرقوا في رؤوس الجبال ثم اجتمع جمع منهم وجاءوا لمحاربة جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخاف

[نقص؟؟]

الناس بعضهم بعضا ولم يكن بينه وبين القوم حرب.

وفي هذه الغزوة وقعت قصة الرجل الذي اخترط سيفه صلى الله عليه وسلم وهو نائم تحت الشجرة واسم الرجل دعثور وقد جاء في صحيح البخاري عن جابر عن عبد الله رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العِضاه (١) فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة (شجرة طلح) فعلق بها سيفه قال جابر فنمنا نومة ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا مجرداً فقال لي من يمنعك مني؟ قلت الله. فهاهو ذا جالس. ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) الواحدة عضاهة. هو كل شجر ذي شوك أو ما عظم منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>