للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-النبي صلى الله عليه وسلم من سلالة آباء كرام وكلهم سادة وقادة ولهم مكان مكين ومقام بَيِّنُ العِزِّ عظيم، وقد اشتهروا بالحكمة والشجاعة والإقدام والكرم كما يتبين ذلك من ن؟؟ ذكره بالاختصار من مناقبهم وأخبارهم.

فقد كان (معد) صاحب حروب وغارات على بني إسماعيل ولم يحارب أحداً إلا رجع بالنصر.

وكان (نزار) أجمل أهل زمانه وأرجحهم عقلا.

وكان (مضر) جميلا كذلك ولم يره أحد إلا أحبه، ومن حكمه المأثورة: "خير الخير أعجله فاحملوا أنفسكم على مكروهها واصرفوها عن هواها فيما أفسدها فليس بين الصلاح والفساد إلا صَبْرُ فواق" والفواق ما بين الحلبتين. ومضر أول من حدا للإبل وكان من أحسن الناس صوتاً.

وكان (إلياس) في العرب مثل لقمان الحكيم في قومه، ومن حكمه: "من يزرع خيراً يحصد غبطة، ومن يزرع شراً يحصد ندامة".

وأما (فهر) فإليه جماع قريش وما كان فوق فهر فلا يقال له قرشي بل يقال له كناني، واسمه قريش وكان فهر كريماً يفتش على حاجة المحتاج فيسدها بماله وهو الجد السادس لأبي عبيدة بن الجراح.

(كعب) وهو الجد الثامن لعمر بن الخطاب. كان يجمع قومه يوم العروبة أي يوم الرحمة وهو يوم الجمعة فيعظهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وينبئهم بأنه من ولده ويأمرهم باتباعه.

(مرة) وهو الجد السادس لرسول الله صلى الله عليه وسلم والجد السادس أيضاً لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي مرة أيضاً يجتمع نسب الإمام مالك بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم.

و (كلاب) اسمه حكيم وقيل عروة. ولقب بكلاب لأنه كان يكثر الصيد بالكلاب وهو الجد الثالث للآمنة أمه صلى الله عليه وسلم فهو ملتقى نسب أبيه بنسب أمه. وقيل أنه أول من سمى الأشهر العربية المستعملة إلى الآن.

و (قصي) اسمه زيد ويقال له مجمع وبه جمع الله القبائل من قريش في مكة بعد تفرقها فأنزلهم أبطح مكة وكان بعضهم في الشعاب ورءوس الجبال بمكة فقسم منازلهم فسمى مجمعاً، وهذا عمل جليل وفضل عظيم لا يتم إلا على يد ذوي النفوس الأبية والهمم العالية. وقصي أول من أوقد نار المزدلفة وكانت توقد حتى يراها من دفع من عرفة.

وله يقول مطرود وقيل إن قائله حذافة بن غانم

أبوكم قصي كان يدعى مجمعاً ... به جمع الله القبائل من فهر

وكان إلى قصي في الجاهلية حجابة البيت وسقاية الحاج وإطعامه المسمى بإرفادة، والندوة وهي الشورى لا يتم أمر إلا في بيته ولا يعقد عقد نكاح إلا في داره ولا يعقد لواء حرب إلا فيها فكان بيته عبارة عن برلمان للعرب بل هو ملجأهم في جميع المشكلات سواء كانت هذه المشكلات قومية أو شخصية.

ولما حضرته الوفاة نهى بنيه عن الخمر ولا بد أنه أدرك مضرتها فنهى أحب الناس إليه عن احتسائها.

ومن كلامه الدال على تجاربه ورجاحة عقله:

"من أكرم لئيما شاركه في لؤمه. ومن استحسن قبيحاً ترك إلى قبحه. ومن لم تصلحه الكرامة أصلحه الهوان. ومن طلب فوق قدره استحق الحرمان. والحسود هو العدو الخفي" وإذا كنا نحكم على الإنسان بكلامه فهذا يدل على أن قصياً كان يبغض اللؤم والقبح بغضاً شديداً وكان شجاعاً كارها للغرور والحسد.

و (عبد مناف) اسمه المغيرة وكان يقال له "قمر البطحاء" لحسنه وجماله، وكانت قريش تسميه الفياض لكرمه، وهو الجد الرابع لعثمان بن عفان والجد التاسع للإمام الشافعي

(هاشم) واسمه عمرو بن عبد مناف ويقال له عمرو العلا لعلو رتبته وقد ساد قومه بعد أبيه عبد مناف، وقد وقعت مجاعة شديدة في قريش بسبب جدب شديد حصل لهم فخرج هاشم إلى الشام فاشترى دقيقا وكعكا وقدم به مكة في الموسم فهشم الخبز والكعك ونحر جزراً (١) وجعل ذلك ثريدا وأطعم الناس حتى أشبعهم فسمى بذلك "هاشما" وكان يقال له "أبو البطحاء" و"سيد البطحاء" -والبطحاء مَسِيل الوادي- ولم تزل مائدته منصوبة في السراء والضراء، وكان موسرا يؤدي الحق ويؤمن الخائف. وهو أول من سن الرحلتين لقريش: رحلة الشتاء ورحلة الصيف، فكان يرحل في الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة وفي الصيف إلى الشام.

(عبد المطلب) وأمه سلمى بنت زيد النجارية. واسم عبد المطلب شيبة الحمد لأنه ولد وله شيبة مع رجاء حمد الناس له. وكان يرفع من مائدته للطير والوحوش في رؤوس الجبال وهذا إحساس لطيفٌ ورفيقٌ بالحيوان الأعجم ولذا كان يقال له "مطعم الطير" ويقال له "الفياض". وكان مفزع قريش في النوائب وملجأهم في الأمور وشريفهم وسيدهم كمالاً وفعالاً. عاش مئة وعشرين سنة أو أكثر وقد انتهت إليه الرياسة بعد عمه المطلب. وكان يأمر أولاده يترك الظلم والبغي ويحثهم على مكارم الأخلاق وينهاهم عن دَنِيّات الأمور. ورفض عبد المطلب في نهاية عمره عبادة الأصنام ووحده لله. وقال دغفل النسابة أن عبد المطلب كان أبيض. مديد القامة. حسن الوجه. في جبينه نور النبوة وعز الملك. يطيف به عشرة من بنيه كأنهم غاب.

وهو الذي كشف عن زمزم بئر إسماعيل وأقام سياتها [سياقتها؟؟] للحجاج فكانت له فخرا وعزا على قريش وعلى سائر العرب.

وكان يكرم النبي صلى الله عليه وسلم ويعظمه وهو صغير ويقول "أن لابني هذا لشأناً عظيما" وذلك مما كان يسمعه من الكهان والرهبان قبل مولده وبعده. وكانت كنية عبد المطلب "أبا الحارث" كني بذلك لأن الأكبر من ولده الذكور اسمه الحارث.


(١) جزر جمع الجزور من الإبل يقع على الذكر والأنثى.

<<  <  ج: ص:  >  >>