للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ رُشْدِ بْنِ خُثَيْمٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي سَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْمُلَائِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا بَعِيرٌ يَنطُّ، وَلَا صَبِيٌّ يَصِطُّ يَعِطُّ، ثُمَّ أَنْشَدَ:

[البحر الطويل]

أَتَيْنَاكَ وَالْعَذْرَاءُ يَدْمِي لُبَانُهَا

وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ

وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الْفَتَى اسْتِكَانَةً

عَنِ الْجُوعِ ضَعْفًا مَا يُمِرُّ وَمَا يُحْلِي

وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا

سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَاجِيِّ وَالْعِلْهَزِ الْفَسْلِ

وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا

وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ

فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا، مَرِيعًا، غَدَقًا، طَبَقًا، عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، تَمْلَأُ بِهِ الضَّرْعَ، وَتُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ، وَتُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا» . فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ يَدَيْهِ إِلَى نَحْرِهِ حَتَّى أَلْقَتِ السَّمَاءُ بِأَوْرَامِهَا وَجَاءَ أَهْلُ الْبِطَاحِ يَصِيحُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْغَرَقَ الْغَرَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» . فَانْجَابَ السَّحَابُ حَتَّى أَحْدَقَ بِالْمَدِينَةِ كَالْإِكْلِيلِ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَبُو طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيًّا لَقَرَّتْ عَيْنَاهُ، مَنْ يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ؟» فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ أَرَدْتَ قَوْلَهُ:

[البحر الطويل]

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالِ الْيَتَامَى عِصْمَةٍ لِلْأَرَامِلِ

يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ

كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ يُبْزَى مُحَمَّدٌ ... وَلَمَّا نُقَاتِلْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ

وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَلْ» ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ فَقَالَ:

[البحر المتقارب]

لَكَ الْحَمْدُ وَالْحَمْدُ مِمَّنْ شَكَرْ ... سُقِينَا بِوَجْهِ النَّبِيِّ الْمَطَرْ

دَعَى اللَّهَ خَالِقَهُ دَعْوَةً ... إِلَيْهِ وَأَشْخَصَ مِنْهُ الْبَصَرْ

وَلَمْ يَكُ إِلَّا كَلَفِّ الرِّدَاءِ ... وَأَسْرَعَ حَتَّى رَأَيْنَا الْمَطَرَ

وَفَاقَ الْعَوَالِي وَعَمَّ الْبِقَاعَ ... أَغَاثَ بِهِ اللَّهُ عُلْيَا مُضَرْ

وَكَانَ كَمَا قَالَهُ عَمُّهُ ... أَبُو طَالِبٍ أَبْيَضُ ذُو غُرَرَ

بِهِ اللَّهُ يَسْقِيكَ صَوْبَ الْغَمَامِ ... وَهَذَا الْعِيَانُ لِذَاكَ الْخَبَرْ

فَمَنْ يَشْكُرِ اللَّهَ يَلْقَ الْمَزِيدَ ... وَمَنْ يَكْفُرِ اللَّهَ يَلْقَ الْغِيَرْ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ يَكُ شَاعِرًا يُحْسِنُ فَقَدْ أَحْسَنْتَ»

<<  <   >  >>