للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ الْكَلَامِ فِي: اسْتِصْحَابِ الْحَالِ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ ضِرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: اسْتِحْبَابُ حَالِ الْعَقْلِ وَالثَّانِي: اسْتِصْحَابُ حَالِ الْإِجْمَاعِ فَأَمَّا اسْتِصْحَابُ حَالِ الْعَقْلِ فَهُوَ: الرُّجُوعُ إِلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فِي الْأَصْلِ , وَذَلِكَ طَرِيقٌ يَفْزَعُ الْمُجْتَهِدُ إِلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ , مِثَالُهُ: أَنْ يُسْأَلَ شَافِعِيُّ عَنِ الْوِتْرِ فَيَقُولُ: لَيْسَ بِوَاجِبٍ , فَإِذَا طُولِبَ بِدَلِيلٍ يَقُولُ: لِأَنَّ طَرِيقَ وُجُوبِهِ الشَّرْعُ , وَقَدْ طَلَبْتُ الدَّلِيلَ الْمُوجِبَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَلَمْ أَجِدْ , فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا وَأَنْ تَكُونَ ذِمَّتُهُ بَرِيئَةً مِنْهُ كَمَا كَانَتْ قَبْلُ , فَإِنْ قَالَ السَّائِلُ: مَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ مَوْجُودًا , وَأَنْتَ مُخْطِئٌ فِي الطَّلَبِ , وَتَارِكٌ لِلدَّلِيلِ الْمُوجِبِ قَالَ لَهُ: لَا يَجِبُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنَ الطَّلَبِ , وَإِذَا لَمْ أَجِدْ لَزِمَنِي تَبْقِيَهُ الذِّمَّةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ كَمَا كَانَتْ وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ لَيْسَ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ عَنِ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ إِلَّا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَنْقُلُهُ عَنْهُ , فَإِنْ وَجَدَ دَلِيلًا مِنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ انْتَقَلَ عَنْهُ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الدَّلِيلُ نُطْقًا أَوْ مَفْهُومَ نَصٍّ أَوْ ظَاهِرًا , لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ إِنَّمَا اسْتَصْحَبَهَا لِعَدَمِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ , فَأَيُّ دَلِيلٍ ظَهَرَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>