للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، أَنَّهُ قَدِمَ، يَعْنِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِالْكُوفَةِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اللَّبَّادِ.

حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو سُلَيْمَانَ الصُّوفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ حَاتِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعَافِرِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْمَعَافِرِيِّ قَاضِي إِفْرِيقِيَّةَ، وَهُوَ يَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ، حَتَّى أَتَاهُ شَابٌّ أَشْقَرُ، وَمَعُه مِخْلاةٌ فِيهَا بَصَلٌ، فَأَسَرَّ إِلَيْهِ كَلامًا، فَأَسْفَرَ وَجْهُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ: " قُلْ لَهُمْ، يَعْنِي: أَهْلَهُ: تَبْعَثُوا إِلَيْنَا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَصَلِ مَعَ الْفُولِ الَّذِي كُنْتُمْ طَبَخْتُمُوهُ الْبَارِحَةَ "، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا عُثْمَانَ تَقَرَّبْ» ، فَقُلْتُ لَهُ: لا، فَقَالَ: «وَلِمَ يَا أَبَا عُثْمَانَ؟ أَظَنَنْتَ ظَنًّا؟» ، قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ لِي: «أَحْسَنْتَ يَا أَبَا عُثْمَانَ، إِذَا رَأَيْتَ الْهَدِيَّةَ دَخَلَتْ إِلَى الْقَاضِي مِنْ بَابِ دَارِهِ، فَاعْلَمْ بِأَنَّ الأَمَانَةَ خَرَجَتْ مِنْ كُوَّةِ دَارِهِ، وَلَيْسَ هُوَ هَدِيَّةٌ يَا أَبَا عُثْمَانَ، إِنَّمَا هُوَ مَوْلًى لِي، أَتَانِي بِهَذَا الْبَصَلِ مِنْ ضَيْعَتِي» ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ رَأَيْتُكَ مَهْمُومًا، فَلَمَّا أَتَاكَ هَذَا الْغُلامُ انْطَلَقْتَ وَأَسْفَرَ وَجْهُكَ، قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: فَقَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ: «إِنِّي أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ فَذَكَرْتُ بُعْدَ عَهْدِي بِالْمَصَائِبِ، فَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ سَقَطْتُ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ، فَلَمَّا أَتَانِي هَذَا الْغُلامُ وَذَكَرَ لِي أَنَّ أَكْفَأَ عَبِيدِي وَأَقْوَامَهُمْ بِضَيْعَتِي تُوُفِّيَ، زَايَلَنِي الْغَمُّ وَانْشَرَحْتُ» .

<<  <   >  >>