للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبُو مُحْرِزٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَمِنْ مَشَائِخِ أَهلِ إِفْرِيقِيَّةَ وَقُضَاتِهِمْ: أَبُو مُحْرِزٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ، كَانَ هُوَ وَأَسَدٌ شَرِيكَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ قَبْلَهُمَا بِبَلَدِنَا قَاضِيَيْنِ فِي مِصْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبُو مُحْرِزٍ ذَهْنًا لَقِنًا، وَكَانَ أَبُو مُحْرِزٍ، وَأَسْدِ تَغَايُرًا فِي الْقَضَاءِ، قَالَ أَسَدٌ لأَبِي مُحْرِزٍ يَوْمًا: مَنِ اسْتَقْضَاكَ؟ قَالَ لَهُ أَبُو مُحْرِزٍ: الَّذِي اسْتَعْجَزَكَ.

وَلَمَّا وَلِيَ أَبُو مُحْرِزٍ الْقَضَاءَ وَلاهُ زِيَادَةُ اللَّهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ، وَكَانَ يَرْوِي أَبُو مُحْرِزٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَبِيرٍ، وَعَنِ ابْنِ فَرُّوخَ، وَكَانَ يَقُولُ بِالاعْتِزَالِ، وَمَاتَ وَهُوَ قَاضٍّ، وَكَانَ يَستَشِيرُ فِي أَحْكَامِهِ يَسُبُّ فِيهَا.

قَدْ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْبُهْلُولِ، يَعْنِي: ابْنَ رَاشِدٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ أَتَاهُ مُؤَدِّبُهُ، فَقَالَ لَهُ: هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَيِه فَقُلْ لَهُ: لَيْسَ يَدْخُلَ عَلَيَّ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ رَأْيِهِ الَّذِي هَوَ عَلَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ: وَقَدِمَ الْبُهْلُولُ إِلَى الْقَيْرَوَانِ فَلَقِيَه الرَّجُلُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لَعَلَّنِي لَسْتُ أُصَافِحُكَ حَتَّى تَرْجِعَ عَنْ رَأْيِكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَسَمَّى لَنَا سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ الرَّجُلَ، وَقَدْ كَانَ سُحْنُونٌ يَتَكَلَّمُ فِيهِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ جَمَعَ كُلَّ عَبْدٍ لَهُ وَمَاشِيَةٍ فَأَرَاهُمْ لِلنَّاسِ، وَقَالَ لَهُمْ: هَذَا مَا أَمْلِكُ، وَكَانَتْ عَبِيدًا كَثِيرَةً وَمَوَاشِيَ مِنْ صُنُوفِ الْمَوَاشِي، وَقَالَ لِلنَّاسِ:

<<  <   >  >>