للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: ما صدر من التعليمات العسكرية للمسلمين في حصار - الطائف

مر بنا أن المشركين لما انهزموا في موقعة حنين وباءوا بالفشل، انسحبوا إثر ذلك فتوجه بعضهم نحو نخلة وأوطاس، وتوجهت أكثر ثقيف نحو الطائف ومعهم مالك بن عوف النصرى١، فدخلوا مدينة الطائف وكانت مدينة محصنة قوية ذات أسوار وحصون، ولها أبواب تغلق عليها، وأدخلوا فيها من الأقوات ما يكفيهم لسنة واستعدوا استعداداً كاملاً وتهيأوا للقتال، ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، سار إلى الطائف حتى نزل قريبا من أسوار المدينة وعسكر هناك، فصوب المشركون نبالهم نحو المسلمين كأنها رجل من جراد فأوقعوا بالمسلمين خسائر في الأرواح، فقرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الانسحاب بعيدا عن مرمى النبال وفكر المسلمون في وسيلة يستطيعون بها التغلب على ثقيف وإجبارهم على الاستسلام، ورأوا أن أحسن وسيلة في ذلك هي نصب المنجنيق٢ عليهم ودك حصونهم بالدبابات، وغير أن أهل الطائف أحبطوا تلك المحاولات التي قام بها المسلمون، إذ حموا قطعا من حديد بالنار وألقوها على الدبابات الخشبية فحرقتها، فانسحب المسلمون المحتمون بها من تحتها لئلا يحترقوا، فرمتهم ثقيف بالنبل بعد انكشافهم من حماية الدبابات، فكان هذا مما زاد في جرأة ثقيف، وامتناعها عن الاستسلام، حتى أن بعضهم كان يقول:

نحن قسي وقسنا أبونا

والله لا نسلم ما حيينا. ... وقد بنينا حائطا حصينا.

وعند ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعنابهم ونخيلهم وتحريقها إغاظة لهم، فسارع المسلمون إلى ذلك وقطعوا قطعا ذريعا، حتى نادى الثقفيون يا محمد لم تقطع


١ انظر ص ٢٥٢.
٢ انظر حديث (١٣٧) و (١٣٩) و (١٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>