للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ شَيْءٍ مِنْ كَلَام اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ إنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ مُخْطِئٌ ضَالٌّ، وَأَمَّا أَصْوَاتُ الْعِبَادِ بِالْقُرْآنِ وَالْمِدَادِ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ، بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ على أَنَّ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ، وَكَلَامُ اللَّهِ الَّذِي كُتب بِالْمِدَادِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا.

وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَذُكِرَ أَقْوَالُ العلماء وَاضْطِرَابُهُمْ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ.

فصل

والذي يُصَلِّي وَقْتًا وَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ كَثِيرًا أَوْ لَا يُصَلِّي؟

فالجواب: إن مِثْل هَذَا مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، بَلْ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ النِّفَاقَ يُصَلِّي الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ وَيُغَسَّلُونَ وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ المسلمين، كَمَا كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ مَنْ قد عَلِمَ نِفَاقَ شَخْصٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ؛ كَمَا نُهي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ عُلِمَ نِفَاقُهُ، وَأَمَّا مَنْ شَكَّ فِي حَالِهِ فَيَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ ظَاهِره الْإِسْلَام كَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ نِفَاقُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ يَجُوزُ (١) النَّهْيُ عَنْهُم، وَلَكِنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُنَافِقِين


(١) في مجموع الفتاوى: (لا يجوز).

<<  <   >  >>