للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان شيخنا الإمام العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي يثني عليه ويعظمه في الفقه، ويقول: ما رأيت أفقه نفساً منه. وكان المصريون يقولون: لو حلف الحالف أنه يستفتي أعلم من في القاهرة، واستفتاه، لم يحنث.

وكان قد تولى قضاء القضاة بحلب، فحضر إليها في أيام الأمير سيف الدين طرغاي، فلم تطل مدته، ولم تحسن سياسته الناس، فتعصب عليه جماعة مع كاتب سرها القاضي شهاب الدين بن القطب، فعزل منها بعد شهرين ثلاثة، إلا أنه باشرها بصلف وأمانة وعفة حتى قال فيه القاضي زين الدين بن الوردي رحمه الله تعالى:

كان والله عفيفاً نزهاً ... وله عرض عريض ما اتهم

وهو لا يدري مداراة الورى ... ومداراة الورى أمر مهم

فحضر إلى دمشق في أواخر أيام الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى ففاوضه قاضي القضاة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى فيه وعرفه مقداره، فقال له: لا تقطع به، فولاه تدريس المدرسة النورية بحمص، فأقام بها مدة إلى أن ورد الأمير سيف الدين آقبغا عبد الواحد، فتعصب عليه عنده حاكمها القاضي شهاب الدين البارزي، فتركها وتوجه إلى القاهرة، فولاه قاضي القضاة عز الدين بن جماعة قضاء المنوفية، فأقام بها مدة، وأتى إلى القاهرة، فولاه قاضي القضاة نيابة الحكم في باب الفتوح، ثم إن السلطان ولاه قضاء القضاة بحلب في أوائل سنة تسع وأربعين وسبع مئة. ثم أبطل ذلك وولاه قضاء صفد في أواخر صفر فيما أظن، فأقام بها تقدير خمسين يوماً، وتوفي في طاعون صفد رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>