للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما بسواه اعتبار، ليس فيه شر، ولا عنده ظلم ولا ضر، لطيف النفس، قليل البأس، ولما هيجوه هاج منه ذو لبدة ضرا، وسلوا منه حساماً ما لقي الضريبة إلا فرى.

نهض بخلع أبي بكر المنصور، وأعاد ذاك الشمل وهو مبتوت ومبتور، ونثر من الدولة عقداً نظيما، وفرق بعزمه جمعاً عظيما، وفرق أموالاً تكاثر البحار الزخاره، والكواكب السياره، إلا أن الزمان أخنى عليه أخيرا، ورد جبره كسيرا، وطرف سعادته حسيرا، ولو دام على ما كان عليه أيام أستاذه لما رمي بالداهيه، ولا كانت شدته متناهيه:

توقى البدور النقص وهي أهلةً ... ويدركها النقصان وهي كوامل

فإن رمت أهنأ العيش فابغ توسطاً ... فعند التناهي يقصر المتطاول

ولما خانه أصفياؤه وتمادوا، وتعاونوا على خذلانه وتغادوا، قبض عليه ونهبت أمواله، وفرق رجاله، وخرجت عمائره وأوقافه، وانهالت كثبه وأحقافه، وأصبح لعدوه رحمه، وصار بينه وبين الفرج زحمه، واعتقل بثغر الإسكندرية إلى أن خنق واشتفى منه كل قلب حنق.

وكانت واقعته التي عدم فيها في شوال سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة.

كان أولاً من أكبر خواص الملك الناصر، لم يكن بعد بكتمر الساقي أكبر منه، وزوجه السلطان ابنته - وهي ثانية ابنة زوجها من مماليكه - ودخل بها في سنة سبع وعشرين وسبع مئة، وكان عرساً حفلاً احتفل به السلطان، وحمل الأمراء التقادم

<<  <  ج: ص:  >  >>