للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدور سطور كأنما يكتبها بقلمه، ولا يكاد أحد يسبقه بسلام، ولا يسمع في العفو وبالصفح عمّن يؤذيه كبير عذل أو صغير مَلام. اشتهر بذلك وعُرف، وسار ذكره بذاك واسمه أحمد وصُرف.

وله أموال ضخمة ومماليك وخدم وحشم وحشمة، وينطوي على تعبّد وديانة وعِفّة في الأحكام وأمانة، وكان بصيراً بالأحكام مسعوداً فيها، قل أنْ أتى إليه زور إلا وعرفه بديهاً، وعرفه بذلك فلم يسلك معه أحد هذه المسالك، وكان يخدم القادمين ويزورهم ويتردد إليهم وغيرهم، وهداياه في أقطار الأرض إلى أعيان الدولة ومن دونهم من أرباب الصون أو الصولة، ولذلك طالت مُدّته وعلى كنفه كِبار المذهب وأشياخه، ومحذلقوه وأشراره وفراخه، وعصره ملآن الجوانح بالأنداد والأضراب، وفي وقته من يقول: لو أنصف لرآه وهو على بابه بوّاب، ومع ذلك فلم يتكدر عليه شرب ولا تنفر له بما لا تشتهيه سِرْب، وله أصحاب وأتراب منحدون، وعشراء وخلطاء لبلاغه أخبار الناس مُتَصدّون، يواصلونه في كل يوم ولا يصدّون، ويجتمع الناس عنده في بستانه اجتماعاً عاماً، ويمد لهم خواناً قد نوّع فيه طعاماً يرون فضله تامّاً، إلى غير ذلك من أنواع الحلوى، والمأكل التي لا منَّ فيها ولا سَلْوى. يقصده الشعراء في المواسم، ويرون ثغور جوده وهي بواسم، لا يخشون مع ذلك بَوّابه ولا عَيْنه ولا حُجّابه، ويعتدّ هو أن تلك الجائزة واجبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>