للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعلت في حلب الشمال إقامتي ... يا حبذا دار الكرام جِوارا

ولكم دعا مدحي نوالَ معظمٌ ... فأبَتْ عُتُوّاً عنه واستكبارا

حتى وجدت لها إماماً عالماً ... أوصافه تستغرق الأشعارا

لولا صلاح الدين لم أرَ جُلّقاً ... ولكنتُ مِمّن جانبَ الأسفارا

أسدى المكارم من أكفٍّ لم يزل ... معروفها يستعبدُ الأحرارا

وصنائعاً غرّاً أفَدْنَ منائحاً ... عُوْناً ولَدْن مدائحاً أبكارا

فوجدْتُ في إجماله وجَماله ... ما يملأ الأسماع والأبصارا

مولىً غدت يمناه يُمناً لامرئ ... يبغي نوالاً واليسار يسارا

حلّى الزمان وكان قِدْماً عاطلاً ... وأعاد ليل الآملين نهارا

وحوى معاليَ في دمشق قديمةً ... وحديثُها بين الورى قد سارا

بَلَغَتْ به رُتَباً فرُعن محلّه ... أمْسَتْ نجوم سمائها أقمارا

زانت فضائله بدائعَ نظمها ... كم مِعصَمٍ يَزين سوارا

ومظفّر الأقلام كم أردى بها ... ملكاً وخوّف جحفلاً جرّارا

عجباً لها تجري بأسودَ فاحمٍ ... يكسي الطروسَ ظلامُه أنوارا

تمضي بحيث ترى السيوف كليلةً ... وتطول حيث ترى الرِّماحَ قِصارا

تجري بواحدها ثلاثُ سحائب ... تحوي الصواعق والحيا المدرارا

وتمدّه بالفضل حين تمدّه ... ببديهةٍ لا تُتعب الأفكارا

غم رامَ نائله العفاةُ أمدّها ... كرماً وإن رام الخميسُ مُغارا

ملأ الكتاب تهدّداً فكأنما ... ملأ المتاب أسنّة وشفارا

تجني النواظرُ من محاسنِ خطّه ... رَوْضاً ومن ألفاظه أزهارا

<<  <  ج: ص:  >  >>