للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يزل على حاله إلى أن مرض مرضاً طويلاً وبقي مدة يُرى عليلاً، وهو مع ذلك يتحامل وينعكس ويتخامل، فأصبح وما أمسى، وبطل من كلامه ما كان جَهْراً وهَمْساً.

وتوفي رحمه الله تعالى في ثالث عُشريْ شعبان سنة ثمان وعشرين وسبع مئة.

أنشدني من لفظه الشيخ الإمام العالم العلاّمة صلاح الدين العلائي قال: أنشدنا التعجيزي لنفسه:

سُنّ يا شيعَ إني بينكم وسطٌ ... مذبذبٌ لا إلى هَوُلا ولا ثَمَةِ

وفي القيامة في الأعراف منقعدٌ ... وانتظرْ منكم مَنْ يدخل الجنةِ

فإنْ دخلتم فإني داخل معكم ... وإن صُفعتم فإني قاعد سَكِتِ

ومعنى هذه الأبيات أنه قال: يا أهل السنّة ويا شيعة أنا في أمري بينكم متوسط لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وفي القيامة أكون على الأعراف قاعداً، فمن دخل الجنة دخلتُ معه، ومن صُفع منكم كنت في مكاني قاعداً ساكتاً. فأنت ترى هذه الألفاظ كيف أخذها وبتَر تراكيبها وغيّر أبنيتها وجعلها من المهملات التي لا معنى تحتها " ويخلق ما لا تعلمون " النحل:١٦ ٨.

وكان يحب شخصاً فعمل فيه أبياتاً وأوقف عليا الشيخ نجم الدين القحفازي، وأول الأبيات:

أيها المعرضُ لا عَنْ سببا ... أصلحكَ الله وصالي الأربا

فكتب له الشيخ نجم الدين، ونقلت ذلك من خطّه:

يا شهاباً أهدى إليّ قريضاً ... خالياً من تعسُّف الألغاز

جاءني مؤذِناً برقّة طبعٍ ... حين رشحته بباب المجاز

إن تكن رُمتَ عنه منّي جزاءً ... فأقلْني فلست ممن يجازي

<<  <  ج: ص:  >  >>