للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شوسها وتناول كؤوسها، واجتلاء أنوارها من يدي سقاتها الأقمار وتذهيب أشعتها لما عليهم من الأطمار، لا يقابل من قابله بها برده، فهي تغرب في فمه وتطلع في خده، ومع ذلك فما يخل بالجلوس في الخدمة أوقات الخدم، وثبات مالها في الدول المعروفة من قدم القدم.

وكان قد ولى أخاه الأمير سيف الدين منجك الوزارة، فاختلف في أمره فيما بين الخاصكية، فأرضاهم بعزله أياماً قلائل، ثم إنه أخرج أمير أحمد الساقي إلى صفد نائباً، ثم أخرج بعده الأمير سيف الدين الجيبغا إلى دمشق، ثم أخرج حسام الدين لاجين العلائي زوج أم المظفر إلى حماه، وأقام على حاله إلى أن عزم على الحج، فقال له أخوه منجك: لا تحج، والله يتم لنا ما تم للفخري وطشتمر، فلم يسمع منه، وتوجه إلى الحجاز في سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، ومعه فاضل ومامور، وحج معه الأمير سيف الدين طاز، والأمير سيف الدين بزلار وغيرهم من الأمراء، فأمسك بعد توجهه الأمير سيف الدين منجك بأيام قلائل، وقبض عليه الأمير سيف الدين طاز في الينبع في سادس عشري القعدة سنة إحدى وخمسين وسبع مئة. فقال لطاز: أنا ميت لا محاله، فبالله دعني أحج، فقيده وأخذه معه وحج وطاف وسعى، وهو مقيد على إكديش، ولم يسمع بمثل ذلك، ولما عاد من الحجاز تلقاه الأمير سيف الدين طينال الجاشنكير، وأخذه وحضر به إلى الكرك، وسلمه إلى نائبها، وتوجهوا بأخيه فاضل إلى القاهرة مقيداً، فدخلها، أعني النائب بيبغا إلى الكرك في سابع المحرم سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة. وقلت أنا فيه رحمة له:

تعجّب لصرف الدّهر في أمر بيبغا ... ولا عجبٌ فالشمس في الأفق تكسف

لقد ساس أمر الملك خير سياسةٍ ... ولم يك في بذل الندى يتوقّف

وأمسك في درب الحجاز ولم يكن ... له عن رضى السلطان في ذاك مصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>