للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٣٧/١٠٩٥ (صحيح الإسناد) عن أبي الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ؛ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيْبَةً". قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ إِلَّا يُوجِبُهُ (١)

قَوْلُهُ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ ردّوها} [النساء: ٨٦] .


(١) يعنيك يوجب رد السلام، ووقع في الأصل تبعاً للمطبوعة الهندية: "توجيه"! وجرى عليه الشيخ الجيلاني في شرحه ولم يعلق عليه بشيء! وليس له معنى مستقيم، بخلاف ما أثبته، وقد استدركته من "تفسير الطبري" (٥/١٢٠) ، ورواه مستدلاً به على وجوب رد التحية، ثم أتبعه برواية أثر الحسن البصري المتقدم برقم (٧٩٨/١٠٤٠) : "التسليم تطوع، والرد فريضة"، قال الحافظ ابن كثير عقبه في تفسيره:
" وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة: أن الرد واجب على من سلم عليه، فيأثم إن لم يفعل؛ لأنه خالف أمر الله في قوله: {فحيوا بأحسن أو ردوها} ".

قلت: ولم يتعرض لحكم الابتداء بالسلام، وقد ذكر القرطبي في تفسيره" (٥/٢٩٨) إجماع العلماء أيضاً على أنه سنة مرغب فيها، وفي صحة هذا الإطلاق نظر عندي؛ لأنه يعني أنه لو التقى مسلمان فلم يبدأ أحدهما أخاه بالسلام، وإنما بالكلام- أنه لا إثم عليهما! وفي ذلك ما يخفى من مخالفة الأحاديث التي تأمر بالسلام وإفشاءه، وبأنه من حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يسلم عليه إذا لقيه، وأن أَبْخَلُ النَّاسِ الَّذِي يَبْخَلُ بِالسَّلَامِ، إلى غير ذلك من النصوص التي تؤكد الوجوب والتي تقد الكثير الطيب منها في هذا الكتاب المبارك إن شاء الله تعالى.
بل وزاد ذلك تأكيداً أنه نظم من يكون البادئ بالسلام في بعض الأحوال، فقال: "يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ، والصغير على الكبير".

<<  <   >  >>