للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَجُلٌ يُوضِعُ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فسلم، فرددنا عليه، وَقَفَ فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ وَأَهْلًا إِيَّاكُمْ طلبتُ، جِئْتُ لِأُبَشِّرَكُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْسِ لَنَا: إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَشْرِقِ، فَقَالَ: "لَيَأْتِيَنَّ غَدًا مَنْ هَذَا الْوَجْهِ- يَعْنِي: الْمَشْرِقَ- خَيْرُ وَفْدِ الْعَرَبِ". فَبَتُّ أَرُوغُ حَتَّى أَصْبَحْتُ، فَشَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَأَمْعَنْتُ فِي الْمَسِيرِ حَتَّى ارتفع النهار، وهممتُ الرجوع، ثم رُفعت رؤوس رَوَاحِلِكُمْ (٣) ، ثُمَّ ثَنَى رَاحِلَتَهُ بِزِمَامِهَا، رَاجِعًا يُوضِعُ عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ- فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، جِئْتُ أُبَشِّرُكَ بِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ: "أَنَّى لَكَ بِهِمْ يَا عُمَرُ" قَالَ: هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي، قَدْ أَظَلُّوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ. فَقَالَ: "بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ" وَتَهَيَّأَ الْقَوْمُ فِي مَقَاعِدِهِمْ، وَكَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا، فَأَلْقَى ذَيْلَ رِدَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِ، وَبَسَطَ رِجْلَيْهِ فَقَدِمَ الْوَفْدُ، فَفَرِحَ بِهِمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ أَمْرَحُوا رِكَابَهُمْ فَرَحًا بِهِمْ، وَأَقْبَلُوا سِرَاعًا، فأوسع القوم، والنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <   >  >>