للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: " زاد يقيني، وراحلتي رجلاي ". فقلت: " أسألك عن الخبز والماء! "، فقال: " يا عماه!، أرأيت لو دعاك مخلوق إلى منزله، أكان يجمل بك ان تحمل معك زادك إلى منزله؟! "، قلت: " لا! "، فقال: " إن سيدي دعا عباده إلى بيته، وأذن لهم في زيارته؛ فحملهم ضعف يقينهم على حمل أزوادهم واني استقبحت لك، فحفظت الأدب معه، أفتراه يضيعني؟! "، فقلت: " كلا وحاشا! "؛ ثم غاب عن بصري، فلم اره إلا بمكة. فلما رآني فقال: " انت - ايها الشيخ - بعد على ذلك الضعف من اليقين؟! ".

وقال أبو إسماعيل، وكان من أصحاب فتح: " شهد فتح العيد ذات يوم بالموصل، ورجع بعدما تفرق الناس، ورجعت معه. فنظر إلى الدخان يفور من نواحي المدينة، فبكى ثم قال: " قد قرب الناس قربانهم، فليت شعري! ما فعلت في قرباني عندك أيها المحبوب؟! "، ثم سقط مغشياً عليه؛ فجئت بماء، فمسحت به وجهه فأفاق. ثم مضى حتى دخل بعض أزقة المدينة، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: " علمت طول غمي وحزني، وتردادي في أزقة الدنيا، فحتى متى تحبسني أيها المحبوب؟! ". ثم سقط مغشياً عليه، فجاءت بماء، فمسحت به وجهه فأفاق، فما عاش بعد ذلك إلا أيام حتى مات ".

وقال أبو إسماعيل أيضاً: " دخلت عليه يوماً، وقد مد كفه يبكي، حتى رأيت الدموع من بين أصابعه تتحدر، فدنوت منه لا نظر أليه، فإذا دموعه

<<  <   >  >>