للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: " بينما أنا مار في طريق بيت المقدس، إذ رأيت امرأة عليها جبة مسح، وعلى رأسها خمار صوف، وهي جالسة، ورأسها بين ركبتيها، وهي تبكي؛ فقلت لها: ما أبكاكِ، يا جارية؟. فقالت: يا أبا سليمان؛ وكيف لا ابكي وأنا احب لقائه؟!. فقلت لها ما تحبين؟، فقالت: وهل يحب المحب غير لقاء المحبوب؟!. فقلت لها: ومن محبوبك؟ فقالت: علام الغيوب!، قلت: كيف تحبينه؟، فقالت: إذا صفيت نفسك من العيوب، وجالت روحك في الملكوت، عند ذلك تصل إلى محبة المحبوب ". فقلت: " فكيف يكونون في محبتهم له؟ "، فقالت: " أبدانهم نحيلة، وألوانهم متغيرة، وعيونهم هاطلة، وقلوبهم واجفة، وأرواحهم ذائبة، وألسنتهم بذكر محبوبهم لهجة "، قلت: " من أين لك هذه الحكمة، التي تنطقين بها؟! "، فقالت: " يا أبا سليمان!، لا تجيئ بطول العمر! ". فقلت: " بماذا تجئ؟ "، قالت: " بصفاء الود، وحسن المعاملة؟ "، ثم أنشأت تقول:

قد كتمت الهوى فباح بسره ... عبرات من الجفون تسيل

ثم قالت: أواه! أواه!. وأنشأت تقول:

<<  <   >  >>