للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابه ما في المشورة من البركة لا لحاجة منه لرأيهم إذ هو للؤيد في حركاته وسكناته بالوحي من ربه والمستغني بما يلقي في روعه من الرأي المصيب عن آراء صحبه قال الحسن البصري إن الله عز وجل لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشورة أصحابه لحاجة به إلى رأيهم وإنما أراد أن يعرفهم ما بالمشورة من البركة وقال عليه الصلاة والسلام المشورة حصن من الندامة وأمن من الملامة وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرجال ثلاثة رجل ينظر في الأمور قبل أن تقع فيصدرها مصادرها ورجل متوكل لا يتأمل فاذا نزلت به نازلة شاور أصحاب الرأي وقبل قولهم ورجل حائر بائر لا يأتم رشداً ولا يطيع مرشداً وقالوا مادة العقل من العقول كمادة الأنهار من السيول وقال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه نعم الموازرة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد وقال حكيم لولده يا بني إن رأيك إن احتجت إليه وجدته نائماً ووجدت هواك يقظان فإياك أن تستبد برأيك فيغلبك حينئذ هواك وقالوا الخطأ مع الاستشارة أحمد من الاصابة مع الاستبداد ويقال إذا استخار العبد ربه واستشار صديقه واجتهد رأيه فقد قضى ما عليه ويقضي الله في أمره ما أحب وقالوا من استغنى برأيه فقد خاطر بنفسه وقالوا عليك بالمشورة فانها تأمر بالتي هي أحسن وتهدي للتي هي أقوم وقالوا لا تستبد بتدبيرك ولا تستخف بأميرك فمن استبد بتدبيره زل ومن استخف بأميره ذل وقالوا من شاور الأخلاء أمن من كيد الأعداء ومن أمثالهم زاحم بعود أودع وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر من أبيات

وإن باب أمر عليك التوى ... فشاور لبيباً ولا تعصه

وإن ناصح منك يوماً دنا ... فلا تنأ عنه ولا تقصه

ولآلمعر

إنّ اللبيب إذا تفرّق أمره ... فتق الأمور مناظراً ومشاوراً

وأخو التكبر يستبدّ برأيه ... وتراه يعتسف الأمور مخاطراً

<<  <   >  >>