للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال أبو الشمقمق

الجود فلسهم وغير حالهم ... فاليوم إن سئلوا النوال تبخلوا

دخل مالك بن دينار على أبي عون في الحبس وكان قد ضربه بلال بن أبي بردة بالسياط وإذا في الحبس جماعة من عمال السلطان في الحديد فلم يلبث أن حضر غداؤهم فجعل الخدم ينقلون ألوان الأطعمة فقيل له يا أبا يحيى هلم فقال لا أريد أن آكل مثل هذا ولا أن يوضع في رجلي مثل هذا وأشار إلى القيد وكان للأعمش صديق متصرف في عمل السلطان فبقى عليه مال فحبس فيه فزاره الأعمش منغمساً له فلما دخل عليه رأى بين يديه سلة فيها فالوذج وهو يتغذى منها فقال والله ما لازمت الوثاق إلا باسرافك في الانفاق فلو قنعت نفسك وعفت يدك لم يكن مضيق السجن مقعدك ولهذا الافلاس أكثر الناس كلامهم في التحذير من عواقب التبذير وما أحسن قول الفقيه منصور رحمه الله

توب وكسرة وخبز ... وبيت كنّ وأمن

ألذ من كل ملك ... عقباه ضرب وسجن

ومما يعد من الاسراف في البذل اصطناع المعروف إلى اللئيم والنذل قالوا حد الجود أن يبذل الرجل ماله حيث يجب البذل ويحفظه حيث يمكن الحفظ ومن بذل مكان الامساك فهو مبذر ومن أمسك مكان البذل فهو بخيل وقالوا من الحزم أن تعلم أن مالك لا يسع الناس كلهم فتوخ به أهل الحق عليك وإن كرامتك لا تسع المقلين فاخصص بها أهل الفضل والمروأة ومن تمسه الحاجة إليك والاعطاء بعد المنع أجمل من المنع بعد الانعام وقال لقمان المعروف كنز فانظر من تودعه وقال عبد الملك بن المقفع إن مالك لا يسع الناس فاخصص به ذوي الكرم من أهلك وخاصتك ودع الأجانب جانباً وقال

<<  <   >  >>