للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلاد بها نيطت على تمائمي ... وأوّل أرض مس جلدي ترابها

وقالت الحكماء أرض الرجل ظئره وداره مهده والغريب كالغرس الذي زايل أرضه فهوذا ولا ينمى وذابل لا ينضر وفطرة الرجل معجونة بحب الأوطان مجبولة على تذكر ماضي الزمان وقد ذكر ابن الرومي السبب الموجب لحب الأوطان بقوله

وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا

وقالوا ليس في الحيوان السانح أشد وفاء من الفاختة فإنها إذا مات الفها لا تزال تندبه ولا تألف غيره حتى تموت

[من أحاسن فعلات الأشراف الاتصاف بالعدل والإنصاف]

فالعدل قوام الدنيا والدين وسبب صلاح المخلوقين وله وضعت الموازين وهو المرغوب المألوف المؤمن من كل مخوف به تألفت القلوب والتأمت الشعوب وظهر الصلاح واتصلت أسباب النجاح وانعقلت عرى اليمن والفلاح وشمل الناس التناصف والتواصل والتعاطف وهو مأخوذ من الاعتدال الذي هو القوام والاستواء المتجانبان للميل والالتواء وهو ميزان الله في أرضه الذي يوفي به الحقوق ويرأب به الصدوع والفتوق وحقيقته وضع الأمور في مواضعها لا توضع الشدة مكان اللين وبضد ذلك ولا السيف مكان السوط وبالعكس من ذلك وإلى هذا أشار المتنبي في قوله

ووضع الندى في موضع السيف بالعدى ... مضرّ كوضع السيف في موضع الندى

والانصاف هو استيفاء الحقوق واستخراجها بالأيدي العادلة والسياسات الفاضلة وهو والعدل توأمان نتيجتهما علو الهمة وبراءة الذمة باكتساب

<<  <   >  >>