للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت ليلة جمعة فلما رأى معاوية ان قد فشا القتل في أصحابه قال لعمرو بن العاص هلم مخبأتك فقد هلكنا وذكره ولاية مصر فأمر أن ترفع المصاحف وان يقال ما فيها حكم بيننا وبينكم يا أهل العراق فرفعوها وكانت زهاء خمسمائة مصحف ونادوا من لثغور الشأم بعد أهل الشأم ومنل ثغور العراق بعد أهل العراق من لجهاد الروم والترك فعند ذلك اختلف أصحاب علي فمنهم من أراد القتال ومنهم من أراد الكف فقال علي رضي الله عنه بالأمس كنت أميراً وأصبحت اليوم مأموراً ثم أرسل الأشعث بن قيس إلى معاوية يسأله لأي شيء رفعت المصاحف قال لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به في كتابه تبعثون رجلاً منكم ترضونه ونبعث رجلاً منا نرضاه ليعملا فينا بكتاب الله ونتبع ما اتفقا عليه فقال الأشعث هذا هو الحق وانصرف إلى علي وأخبره بما قال معاوية فقال الناس رضينا فاختار أهل الشأم عمرو بن العاص واختار أهل العراق أبا موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس واختار علي عبد الله بن عباس فقالوا والله لا نريد إلا رجلاً هو من معاوية ومنك على السواء قال فاصنعوا ما أردتم فجمعوا بين عمرو بن العاص وأبي موسى وأخذوا عليهما العهد والميثاق أن لا يخونا وأخذ الحكمان من علي ومعاوية والحسنين المواثيق أنهما آمنان على أنفسهما وأن يكون منهم المبايعة على ما يرضيانه ثم خرجا واجتمعا في دومة الجندل في شهر شعبان سنة ثمان وثلاثين فقال عمرو لأبي موسى إن هذه الفتنة لا تزال قائمة ما دام واحد من هذين الاثنين متولياً إمرة المسلمين فقال أبو موسى فما ترى قال أرى أن يصعد كل واحد منا المنبر ويخلع صاحبه وندعها شورى بين المسلمين يولون أمرهم من أرادوا فأجابه إلى ذلك وتقدم أبو موسى وصعد المنبر وقال أيها الناس انا نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر اجتمع رأيي ورأي عمرو عليه وهو أن يخلع كل واحد منا صاحبه ويجعل أمر المسلمين إليهم يولون عليهم من أحبوا وإني خلعت علياً فاستقبلوا أمركم وولوا من شئتم ونزل ثم صعد عمرو فحمد الله وأثنى عليه قال قد قال أبو موسى ما سمعتم من خلع صاحبه وإني خلعته كما خلعه وأثبت معاوية كما

أثبت حميلة سيفي هذا في عنقي فإنه ولي عثمان والطالب بدمه وأحق والله بمقامه ثم نزل فاختلف عند ذلك كلمة الجيشين فلما رأى علي اختلافهما رحل قاصداً الكوفة ولحق معاوية بدمشق وانصرف عمرو بأهل الشأم بعد ذلك إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة وبايعوه فكان علي رضي الله عنه بالعراق ومعاوية بالشأم إلى سنة أربعين وفي هذه السنة قتل علي رضي الله عنه في رمضان وهو ابن اثنتين وستين سنة وكانت مدة خلافته خمس سنين إلا شهراً واحداً ومدة ولاية معاوية أربعين سنة منها أميراً على الشأم لعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان عشرون سنة وخليفة عشرون سنة وتوفي سنة ستين ولما انفصل أهل الشأم وأهل العراق من هذه الحروب رجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي رضي الله عنه وكان علي رضي الله عنه إذا صلى الغداة لعن معاوية وعمراً وأصحابه فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس وحسناً وحسيناً والأشتر ولم يزل الأمر على ذلك برهة من ملك بني أمية إلى أن ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة فمنع من ذلك وجعل مكان اللعن في الخطبة ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم وقتل بصفين من أهل العراق والشأم في مدة مائة يوم وعشرة أيام مائة ألف وعشرة آلاف وقيل سبعون ألفاً من أهل الشأم خمسة وأربعون ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً والله أعلم وكانت الوقائع تسعين وقعة وعدة من حضر في صفين من أهل الشأم مائة وعشرون ألفاً ومن أهل العراق مائة ألف وعشرة آلاف فيكون جملة الفريقين مائتي ألف وثلاثين ألفاًبت حميلة سيفي هذا في عنقي فإنه ولي عثمان والطالب بدمه وأحق والله بمقامه ثم نزل فاختلف عند ذلك كلمة الجيشين فلما رأى علي اختلافهما رحل قاصداً الكوفة ولحق معاوية بدمشق وانصرف عمرو بأهل الشأم بعد ذلك

<<  <   >  >>