للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكر راجعاً إلى الكوفة ومن كلام الحكماء إذا كان القدر حقاً فالحرص باطل وإذا كان الموت بكل أحد نازل فالطمأنينة إلى الدنيا حمق وكان معاوية بن أبي سفيان كثيراً ما ينشد في حروبه

كان الجبان يرى إنه ... يدافع عنه الفرار الأجل

فقد تدرك الحادثات الجبان ... ويسلم منها الشجاع البطل

ويقال من حدث نفسه بالبقاء ولم يوطنها على المصائب فهو عاجز الرأي وأنشدت لأبي علي بن رشيق القيرواني

الأسر خير من الفرار ... والقتل خير من الأسار

وشر ما خفته حياة ... أدت إلى ذلة وعار

ذم من لزمه الضعف والجزع ... واستولى عليه الخوف والفزع

قيل لبشار بن برد فلان يزعم إنه لا يبالي ألقى واحداً أو ألفاً قال صدق لأنه يفر من الواحد كما يفر من الألف وقالوا فلان إذا ذكرت السيوف لمس رأسه هل ذهب وإذا ذكرت الرماح جس صدره هل ثقب كأنه سلم كتاب الجبن صبياً ولقن كتاب الفشل أعجمياً وقالوا فلان تقلصت من الفزع شفتاه واصفرت من الهلع وجنتاه وقالوا فلان إذا نظرت إليه شزراً أغمى عليه شهراً ومن أمثالهم أجبن من صافر وهو طائر يتعلق برجليه في الشجر خشية أن ينام فيسقط وقيل غير ذلك وأشرد من ظليم وهو ذكر النعام وينشد لعبد القيس ابن خفاف يهجو جبانا

وهم تركوك أسلح من حبارى ... رأت صقراً وأشرد من ظليم

ومما هو كناية عن الجبن قولهم فلان مشفق على الحياة راغب في طولها وذم بعضهم جباناً فقال لو سميت له الحرب لعاف لفظها قبل معناها واسمها

<<  <   >  >>