للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٢٤ - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق، عَنِ الثَّوري (١) ،

عَنِ الأعمَش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمي (٢) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنِّي وَإِيَّاكَ (٣) فِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ؟

قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطِلٌ؛ يَرَون (٤) أَنَّ الأعمَش أخذه من


(١) روايته أخرجها الدارقطني في "العلل" (٦/٢٧١) ، و"الأفراد" (٢٧٠/أ) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (٢/١١٣) من طريق الفريابي، عن الثوري، به.
قال الدارقطني في "الأفراد": «تفرَّد به أبو مسعود الرازي أحمد بن الفرات، عن مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم» .
(٢) في (ك) : «القمي» . وإبراهيم هذا هو: ابن يزيد بن شَريك التَّيمي.
(٣) لم تنقط الكلمتان جميعًا في (أ) ، ووقعت الأولى في (ف) : «أبي» ، ولم تنقط في بقية النسخ. والثانية في (ش) : «وأباك» ، وفي (ت) و (ك) : «وإيَّاك» ، ولم تنقط في (ف) . ولفظ الدارقطني في "العلل" (١١٢٩) : «أحدنا فرعون هذه الأمة» ، وجعله مرفوعًا إلى النبي (ص) . ولفظ أبي نعيم: عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رسول الله (ص) لرجلين: «أحدهما فرعون هذه الأمة» ، فقال الآخر: أما أنا فلا. ولذا فالجادَّة فيما وقع في النسخ أن يقال: «إِنِّي أو إِيَّاكَ» ؛ لكنَّ مجيء الواو بمعنى «أو» جائز في العربية، وله شواهد، وقد أوضحنا ذلك في التعليق على المسألة رقم (٧٩٤) .
وفي هذا الحديث من فنون البلاغة ما يسمَّى بالتعريض، قال الخطابي في "غريب الحديث" (٢/٢٥٠) : «ومن مذهب العرب: استعمال الكناية في كلامها، وترك التصريح بالسوء، وهو كقول بعض الصحابة لرجل: قد علمت أنَّ رسول الله (ص) قال: "إنَّ أحدنا فرعون هذه الأمة" يعنيه بذلك» ، وفي "النهاية" لابن الأثير (١/٨٨) : «في حديث أبي ذر أنَّه قال لفلان: أشهدُ أن النبيَّ (ص) قال: " إنِّي أَوْ إيَّاك فرعونُ هَذِهِ الأمة"، ولكنَّه ألقاه إليه تعريضًا لا تصريحًا؛ كقوله تعالى: [سَبَإ: ٢٤] {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ، وهذا كما تقول: أحدُنا كاذبٌ، وأنتَ تعلمُ أنك صادقٌ، ولكنَّك تعرِّض به» .
(٤) في (ك) : «يروون» .

<<  <  ج: ص:  >  >>