للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر الجنب إذا لم يجد الماء بأن يتيمم ويصلي، في

حديث عمران بن حصين المتقدم، وحديث عمار، وروي - أيضا - من حديث أبي ذر وغيره.

وشبهة المانعين: أن الله تعالى قال: {وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء:٤٣] ، وقال: {) وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:٦]- يعني به:

الغسل -، ثم ذكر التيمم عند فقد الماء بعد ذكره الأحداث الناقضة للوضوء، فدل على أنه إنما رخص في التيمم عند عدم الماء لمن وجدت منه هذه الأحداث، وبقي الجنب مأمورا بالغسل بكل حال.

وهذا مردود؛ لوجهين:

أحدهما: أن آية الوضوء افتتحت بذكر الوضوء، ثم بغسل الجنابة، ثم أمر بعد ذلك بالتيمم عند عدم الماء، فعاد إلى الحدثين معا، وان قيل: أنه يعود إلى أحدهما، فعوده إلى غسل الجنابة أولى؛ لأنه أقربهما، فأما عوده إلى أبعدهما وهو - وضوء الصلاة - فممتنع.

وأما آية سورة النساء، فليس فيها سوى ذكر الجنابة، وليس للوضوء فيها ذكر، فكيف يعود التيمم إلى غير مذكور فيها، ولا يعود إلى المذكور؟

والثاني: أن كلتا الآيتين: أمر الله بالتيمم من جاء من الغائط، ولمس النساء أو لم يجد الماء، ولمس النساء إما أن يراد به الجماع خاصة، كما قاله ابن عباس وغيره، أو أنه يدخل فيه الجماع وما دونه من الملامسة لشهوة، كما يقوله غيره، فأما أن يخص به ما دون الجماع ففيه بعد.

ولما أورد أبو موسى على ابن مسعود الآية تحير ولم يدر ما يقول، وهذا يدل على أنه رأى أن الآية يدخل فيها الجنب كما قاله أبو موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>