للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولقد وضع الخالق تعالى الميزان لهذا الكون، ما نعلمه منه وما نجهل، لتنظيم الحياة وفق نظام رباني يجمع بين الانسجام والتناغم وبين الاعتدال والتوازن، وهو ما يؤكد أن الوسطية أصل النظام الكوني، وأنها عنصر من عناصر الخلق. وكما ينطبق هذا النظام الرباني على الحياة والكون، ينطبق أيضاً على الإنسان بدرجة أولى، بحيث إن المنهج الذي يصلح للإنسان هو المنهج الوَسَطي، وهو ما جاءت به الرسالة الإسلامية الخاتمة التي اشتملت على القواعد والأصول وكليات الأحكام.

فالوسطية هي المنهج الرباني، والنظام الكوني الإلهي، وسنة اللَّه في خلقه، وهي تنسجم مع الفطرة الإنسانية، ولذلك فالخير كلُّه في الوسطية التي جاء بها الإسلام للأمة الإسلامية وللإنسانية جمعاء، في كل زمان ومكان. وقد بلغت الوسطية الإسلامية وتبلغ هذا المقام في حضارتنا، لأنها بنفيها الغلو الظالم والتطرف الباطل، إنما تمثل الفطرة الإنسانية الطبيعية في براءتها، وفي بساطتها، وبداهتها، وعمقها، وصدق تعبيرها عن فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها، إنها صبغة اللَّه (١) .


(١) معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، د. محمد عمارة، ص: ١٨٩، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٧م.

<<  <   >  >>