للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتأسيساً على هذه القاعدة، فإن الحوار الذي يجب أن ندعو إليه وندخل فيه ونتبنّاه، هو الذي يستمد من الإسلام روح الاعتدال، لأن أحكام الإسلام تسودها روح الاعتدال، فهي تنبذ التطرف وتفضل التوسّط بين الأطراف. ولقد وردت الكثير من الآيات القرآنية في مواضع مختلفة تشير إلى هذه الروح، بل تشيد بها، أي بذلك التوسّط، منها قولُه تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (١) ويقصد "بأمة وسط" أمة لها طابع الاعتدال (٢) . ويرى بعض العلماء أن "وسطية الإسلام" تلتقي في معناها أو تتقارب مع "مثالية الإسلام"، فقد فسروا معنى " أمة وسطاً "، الواردة في هذه الآية، بأمة مثالية إذا اتبعت شريعة اللَّه وقامت بحقها (٣) .

وهكذا، فإن الحوار في شريعة الإسلام، وفي مفهوم الفكر الإسلامي، هو الحوار الذي ينزع منزع الوَسَطِيَّة والاعتدال، استمداداً من دلالة لفظ "كلمة سواء" في الآية الكريمة، فهو حوار بالكلمة الراقية، وبالمنهج السويّ (٤) . وبذلك يتميّز حوارنا دلالةً ومفهوماً وغايةً وفلسفةً.


(١) البقرة، الآية ١٤٣.
(٢) أزمة الفكر السياسي الإسلامي في العصر الحديث: مظاهرها، أسبابها، علاجها، د. عبد الحميد متولي، ص ١٣٦، طبعة ثانية، الإسكندرية ١٩٧٥.
(٣) وَسَطِية الإسلام، الشيخ محمد محمد المدني، ص ٢٨-٢٠-١٣-٨-٧.
(٤) الحوار من أجل التعايش، د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، ص: ١٦ - ١٤، دار الشروق، القاهرة، ١٩٩٨ م.

<<  <   >  >>