للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعائلاتهم إذ (كان قد خرج جماعة من بيوتات دمشق، كبيت ابن صصري، وبيت ابن فضل الله وابن منجا وابن سويد وابن الزملكاني وابن جماعة) (١) .

وبذل الشيخ جهدًا كبيرًا ليقف في وجه كل العوامل التي تدعو إلى الهزيمة واليأس معلناً على الملأ آراءه الكفيلة بتحويل الهزيمة إلى نصر. فأخذ يحرض الناس على القتال بدلاً من الفرار (وساق لهم الآيات والأحاديث الواردة في ذلك، ونهى عن الإسراع في الفرار، ورغب في إنفاق الأموال في الذود عن المسلمين وبلادهم وأموالهم، وأن ما ينفق في أجرة الهرب إذا أنفق في سبيل الله كان خيرًا) (٢) .

كذلك سافر بنفسه إلى مصر لحث السلطان على الدفاع عن الشام، وأقنعه بضرورة تجهيز الجيش لهذا الغرض. وجاء ضمن أقواله للسلطان في هذا الصدد: (لو قدر أنكم لستم حكامًا للشام ولا ملوكه، واستنصركم أهله، وجب عليكم النصر، فكيف وأنتم حكامه وسلاطينه، وهم رعاياكم وأنتم مسؤولون عنهم؟) (٣) .

وعندما حان أوان المعركة المرتقبة بأرض الشام، وصلت جحافل التتار إلى حمص وبعلبك، ولم يكن جيش مصر قد وصل للنجدة بعد، تخبط الناس ومسهم الفزع والذعر، وعادوا يتحدثون عن التقهقر، ولكن ابن تيمية عاد ينفث من قوة إيمانه في صدور الأمراء والجند، مؤكدًا لهم النصر، متأولاً قوله تعالى: (وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [الحج: ٦٠] وإذا ما طلبوا منه ذكر مشيئة الله، أجابهم: (إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا) (٤) .

أما عن تردد بعض المسلمين في حرب التتار لأنهم أعلنوا الإسلام تظاهراً، فقد أوضح لهم شيخنا هذا اللبس، إذ إن التتار كالخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية، زاعمين أنهم أحق بالرياسة منهما، وكذا يفعل التتار، فبينما هم متلبسون بالمظالم والمعاصي (يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق بين المسلمين) .


(١) ابن كثير: البداية والنهاية ج ١٤ ص ١٤.
٢١ (نفس المصدر والصفحة.
(٣) نفس المصدر ص ١٥.
(٤) نفس المصدر ص ٢٣.

<<  <   >  >>