للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنبياء وأتباعهم معهم، فقال سبحانه: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [الأحقاف، الآية: ٢٦] (١) .

فكيف يعقل أن يترك المسلمون هذه الحجج العقلية ويلجأون إلى منطق اليونان؟ لقد أغناهم الله عز وجل بالميزان التي أنزلها مع الكتاب حيث قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ) [الشورى: ١٧] وقال عز وجل: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ) [الحديد: ٢٥] وهي ميزان عادلة تتضمن اعتبار الشيء بمثله وخلافه، فيسوي بين المتماثلين ويفرّق بين المختلفين بما جعله الله في فطر عباده وعقولهم من معرفة التماثل والاختلاف.

ويضاف إلى القرآن الحديث أيضًا، وبهما تتبين الحقائق بالمقاييس العقلية والأمثال المضروبة، ويتبين طريق التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، ويتبين الإنكار على من يخرج عن ذلك، كقوله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [الجاثية، الآية: ٢١] وقوله سبحانه وتعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [القلم، الآية: ٣٥، ٣٦] (٢) .

إذن مما تقدم يتبين أن حجج القرآن وأدلته ميسرة مفهومة للناس وفقًا للفطرة التي فطرهم الله تعالى عليها، وبها يعرفون ويستدلون.

ويقتضي التوضيح إلمامنا أولاً بنظرية ابن تيمية في المعرفة ثم بيان طرق البراهين التي استقرأها من القرآن الكريم وهي على الترتيب:

١ - الميزان القرآني.

٢ - قياس الأولى (على وزن الأعلى) .

٣ - دليلا اللزوم والاعتبار.


(١) فتاوى ابن تيمية ج ٩ ص ٣٨ - ٣٩.
(٢) ابن تيمية: الرد على المنطقيين ص ٣٨٢ - ٣٨٣.

<<  <   >  >>