للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى أي الصلاة والزكاة والعفاف.

قال هرقل في النهاية: (إن يكن ما تقول فيه حقًا إنه لنبي وكنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنه منكم ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي) (١) .

ونرى بعد ذلك استكمال الحديث عن معالم المنهج الذي عاش ابن تيمية من أجل توضيحه ولفت الأنظار إليه وحث المسلمين - خاصتهم وعامتهم - إلى اتباعه والاستضاءة به إذ إن العلاقة بين اجتهادات شيخ الإسلام وبين قضايا أصول الدين لم تنقطع بموته، فهي تمتد لكل الأعصار لأن محورها يتمثل في أهم قضية للإنسان يترتب عليها النتيجة الحاسمة في مصيره، أي قضية الإيمان بالله تعالى وعبادته والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والبعث والحساب والعقاب والملائكة وغيرها من كائنات عالم الغيب وحقائقه حيث لا تكتمل المعرفة الإنسانية الحقة إلا بعد الإحاطة بها مقترنة بالعبادة والاستسلام لله تعالى وحده.

ولهذا فإن دراسة اجتهادات شيخنا تصبح متجددة أبدًا لأنها تتصل بأهم ما ينبغي أن يشغل الإنسان إذا ما تطلع إلى مبدئه ومعاده وسبل تحقيق سعادته.

وكان من دواعي اطمئنان ابن تيمية ويقينه - بل تفاؤله رغم العوامل التي عاشها وكانت مثبطة للهمم - أن الإسلام يتميز بعناية الله تعالى وحفظه وظهوره إلى قيام الساعة، قال الشيخ: (وذلك أن الله تبارك وتعالى أكمل الدين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، وبينه وبلغه البلاغ المبين، فلا تحتاج أمته إلى أحد بعده يغير شيئًا من دينه، وإنما تحتاج إلى معرفة دينه الذي بعث به فقط، وأمته لا تجتمع على ضلالة، بل لا يزال في أمته طائفة قائمة بالحق حتى تقوم الساعة فإن الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فأظهره بالحجة والبيان وأظهره باليد واللسان، ولا يزال في أمته أمة ظاهرة وهذا حتى تقوم الساعة) (٢) .


(١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح جـ ١ ص ٩٣-٩٤ وجـ ٤ ص ٣١٦.
(٢) ابن تيمية - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح جـ ١ ص ١٢٤، مطبعة المدني.

<<  <   >  >>