للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلال العصور الوسطى.

وفي النص الذي ننقل ترجمته فيما يلي، يعبر لنا عن تحذيره الشديد للمسلمين من هذه الحضارة فيقول: (ولكن إياك والحضارة اللادينية التي في صراع دائم مع أهل الحق، وإن هذه الفتانة تجلب فتنًا وتعيد اللات والعزى إلى الحرم وإن القلب يعمى بتأثير سحرها.. وإنها تدع الإنسان لا روح فيه ولا قيمة له) (١) .

إن ثقافته الغربية التي اغترف منها بعمق، هي التي جعلته يدرك في سهولة ويسر عمق الصلة بين فكر فلاسفة الغرب المحدثين، والفكر الإسلامي في أوج نضجه، ومن ثم فقد اكتشف أن أوروبا كانت بطيئة في إدراك الأصل الإسلامي لمنهجها العلمي، ويعدد الأدلة على الجذور الإسلامية لنهضة الغرب فيعثر عليها في منهج الشك الذي أفاض فيه الغزالي ومهد به السبيل إلى ديكارت، كما تنبه لنقد ابن تيمية للمنطق الأرسططاليسي وبرهنته على أن الاستقراء هو الطريقة الوحيدة الموصلة إلى اليقين ومن ثم (قام المنهج التجريبي القائل بأن الملاحظة والتجربة هما أساس العلم وأصله لا التفكير النظري) وانتقاله إلى جون ستيوارت مل.

كذلك تلقى روجر بيكون علومه من الجامعات الإسلامية بالأندلس إلى غير ذلك من ميادين الفكر التي تتمثل في الرياضيات والفلك والطب، وكانت نتيجة ثورة عقلية إسلامية على الفلسفة اليونانية.

من هذه النظرة الواسعة يخلص مفكرنا إلى أن الزعم (بأن أوروبا هي التي استحدثت المنهج التجريبي زعم خاطئ) .

أضف إلى ذلك أن نظر إقبال في القرآن، وإحاطته بنتاج الفكر الإسلامي في شموله واتساعه جعله يؤكد أن (معارضة القرآن لعلوم القدامى أكدت وجودها بالرغم من أولئك الذين كانت رغبتهم في أول الأمر هي تفسير الإسلام على ضوء التفكير اليوناني) (٢) ويقصد


(١) الترجمة العربية من قصيدة (ضرب كليم) نقلا عن كتاب الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية للندوي ص ٩٩.
(٢) محمد إقبال: تجديد التفكير الديني ص ١٤٩ - ١٦٤.

<<  <   >  >>