للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الكون، وجعله خليفة الله في الأرض إذ يصف إقبال الإنسان بأن الله سبحانه وتعالى وهب له من القوى المتوازنة على أحسن ما يكون، قد ألقى بنفسه في أسفل ميزان الوجود، وقد أحاط به من كل جانب قوى تقيم في وجهه العقبات (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) [التين، الآيتان: ٤، ٥] (١) ، وكل ذلك لتقوية ذاته بواسطة مقاومة العقبات التي تصادفه كما سيأتي.

[الإنسان في القرآن]

إن الإنسان كائن قلق كما رأينا في رأي إقبال. (وهو على ما فيه من نقائض أسمى من الطبيعة. إذ إنه يكيف مصيره ومصير العالم كذلك ويسخر القوى ... ولكن المنهج الذي يضعه القرآن يجعل تفسير الإنسان لنفسه أساسًا وآيات خلافته للأرض تشير إلى أن الإنسان موهوب بالملكة التي تجعل له القدرة على وضع أسماء للأشياء أي إنه يكون التصورات لها) (٢) .

ولكن الإنسان هو خليفة الله في الأرض والمعصية الأولى التي أوردها القرآن كانت بمثابة أول فعل للإنسان تتمثل فيه حرية الاختيار.

ويصور الحياة كمغامرة تيسر الابتلاء (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء، الآية: ٣٥] .

على أن المغزى لحادثة سجود الملائكة لآدم عليه السلام يتعلق بأمرين أولهما أفضلية الإنسان في المعرفة حيث تبين الآيات القرآنية تفوق آدم على الملائكة في معرفة أسماء الأشياء، أما الأمر (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى) [طه، الآية: ١٢٠] أي إشارة إلى رغبة (لا تقاوم في الحصول على ملك لا يبلى) (٣) .

وقد توقف إقبال عند هذا الشرح مكتفيًا بالإشارة إلى أن معنى الحياة للإنسان يتحقق في الشكل الفردي (فإن الحياة معناها أن يكون للإنسان شكل معين، وفردية


(١) د. محمد إسماعيل الندوي: نظرات جديدة في شعر إقبال ص ٧٦.
(٢) تجديد التفكير الديني ص ١٠١ - ١٠٢.
(٣) نفسه.

<<  <   >  >>