للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم جاءت النظرية النسبية لتنفي فكرة العبثية عن الكون ولتثبت أن الظواهر الكونية كلها تخضع لقوانين رياضية ثابتة (١) .

[حجج المتكلمين في الدفاع عن منهجهم]

يستند علماء الكلام في الدفاع عن مناهجهم إلى الحجج الآتية:

الأول: أن ظهور علم الكلام في زمن أتباع التابعين استتبعه استحسان وتم تدوينه بالكتب، فيعدّ من هذا الوجه من قبيل البدعة الحسنة، به انزاحت الشبه عن قلوب أهل الزيغ وثبت قدم اليقين للموحدين.

الثاني: أن أدلة العقول لازمة لبيان صحة أصول الدين وحقائقها لأن المنهاج الصحيح في معرفة حق الكتاب وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستند على البراهين العقلية.

الثالث: إذا جعل أصل الدين الاتباع - لا العقل- فإن ذلك مخالفة للكتاب لأن الله تعالى ذم التقليد في القرآن، وندب الناس إلى النظر والاستدلال آمرًا بمجادلة المشركين بالدلائل العقلية، ومن تدبر القرآن ونظر في معانيه وجد تصديق هذا الأصل (٢) .

الرابع: يرى القاضي عبد الجبار (٤١٥ هـ) أنه لما منع "الرشيد" من الجدال في الدين وحبس أهل الكلام، كتب إليه ملك السند يطلب من يناظره، " فوجه إليه الرشيد قاضيًا لم يحسن الجدل، فاضطر إلى البحث عمن يناضل عن الدين، وأخرج أهل الكلام من السجن ووقع اختياره على أحدهم، فبعثوه للمناظرة.

وتروى القصة بوقائع أخرى، تتلخص في اجتماع الرشيد برجلين من المتكلمين فتكلما في مسألة فقال لبعض الفقهاء: احكم بيننا فقال: هذا أمر لا يعنيني فأمر له بصلة وقال: هذا جزاء من لا يشتغل بما لا يعنيه، أما الرواية الثالثة، فتشير إلى أمره بقتل رجلين تكلما أمامه في مسألة غامضة فأمر بقتلهما لأنهما زنديقان.

ولكن المؤيدين لعلم الكلام يستخلصون منها جميعًا عجز أهل الحديث عن النضال عن الدين لمغايرة منهجهم عن طريقة المتكلمين المستندة إلى العقل.


(١) نفس المصدر ص ٣٦.
(٢) السيوطي: صون المنطق ص ١٥٧.

<<  <   >  >>