للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتيئيس نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وصالحي أتباعه، فلهذا أعقب سورة السجدة بهذه السورة

المضمنة من التأنيس والبشارة ما يجرى على المعهود من لطفه تعالى وسعة

رحمته، فافتتح سبحانه السورة بخطاب نبيه بالتقوى وإعلامه بما قد أعطاه قبل من سلوك سبيل النجاة، وإن ورد على طريقة الأمر ليشعره باستقامة سبيله

وإيضاح دليله، وخاطبه بلفظ النبوة لأنه أمر ورد عقب تخويف وإنذار بيان كان عليه السلام قد نَزه الله قدره عن أن يكون منه خلاف التقوى وعصمه من كل ما ينافر نزاهة حاله وعَلي منصبه ولكن طريقة خطابه تعالى للعباد أنه تعالى متى جرد ذكرهم للمدح من غير أمر ولا نهي فهو موضع ذكرهم بالأخص إلا مدحٌ من محمود صفاتهم ومنه: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ..... الآية "

فذكره باسم الرسالة، ومهما كان الأمر أو النهى عدل في الغالب إلى الأعم ومنه "يا أيها النبي اتق الله " "يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال " "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء" "يا أيها النبي لِم تحرم ما أحل الله لك "

"يا أيها النبيء إذا جاءك المؤمنات "،

وقد بين في غير هذا، وإن ما ورد على خلاف هذا القانون فلسبب خاص استدعى العدول عن الطرد كقوله: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ"، فوجه هذا أن قوله سبحانه: "وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ"، موقعه شديد فعدل بذكره عليه السلام باسم الرسالة لضرب من التلطف فهو من باب "عفا الله عنك لم أذنت لهم "

وفيه بعض غموض.

<<  <   >  >>