للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضًا فالمعقولات كالحياة التي بها الأبصار والأسماع، والقرآن كالمدرك بالسمع والبصر، وكما أنه من المحال أن ييصر ويسمع الميت قبل أن يجعل اللَّه فيه الروح، ويجعل له السمع والبصر كذلك من المحال أن يدرك من لم يحصل المعقولات حقائق الشرعيات؛ ولهذا قال تعالى: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ) الآيتان يعني: آيات السموات والأرض وغيرها.

[الإيمان والإسلام والتقوى والبر]

الإيمان: هو الإذعان للحق على سبيل التصديق له باليقين؛ ولهذا وصف اللَّه تعالى العلم والإيمان بوصف واحد فقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)

وقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)

ووجل القلب: هو الخشية للحق على سبيل التصديق له باليقين.

هذا هو أصل الإيمان لكن صار اسمًا لشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كالإسلام، وصح أن يطلق على من يظهر ذلك وإن

لم يتخصص به اعتقادًا عن يقين أو ثلج صدر، كاليهودي في أن أصله منسوب إلى يهود، والنصراني في أن أصله المنسوب إلى نصران، وهي قرية، ثم صارا اسمين للمتخصصين بالشريعتين.

على أن اشتقاق الإيمان لا يمنع أن يطلق على من يظهره، فإن المؤمن هو من صار ذا أمن، وبإظهار الشهادتين يأمن الإنسان من أن يراق دمه، أو يباح ماله في الحكم،

ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " من قال: لا إله إلا اللَّه فقد عصم منَّا دمه وماله إلا بحق "،

وروي: " شهادة أن لا إله إلا اللَّه كلمة جعلها اللَّه بيننا فمن قالها من قلبه فهو مؤمن،

<<  <   >  >>