للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعبادة الله تعالى: المعنية بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) .

وخلافته: المعنية بقوله تعالى: (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ)

وقوله: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)

وذلك بتحري مكارم الشريعة.

فهذه ستة وكل واحد من هذه إما أن يتحراه الإنسان عن رهبة، أو رغبة، كما قال تعالى: (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)

أو يتحراه عن إخلاص تطوع واهتزاز نفس، كما قال تعالى: (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ)

فهذه اثنتا عشرة منزلة.

وكل واحدة من هذه المنازل إما أن يكون الإنسان في مبتدئها أو وسطها أو منتهاها؛ لأن كل فضيلة ورذيلة لا ينفك الإنسان فيها من هذه الأحوال الثلاث، ولهذا قال تعالى في الفضيلة: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا)

وقال في الرذيلة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا) .

فجعل منازل الإيمان ومنازل التقوى ثلاثة كما ترى، فهذه اثنتا عشرة في ثلاثة تكون ستة وثلاثين.

وكل واحدة من هذه الستة والثلاثين إما أن يتوصل إليها الإنسان من طريق الاجتباء، أو من طريق الهداية. والاجتباء للأنبياء ومن يليهم من الأولياء وهو: إيثار اللَّه تعالى بعض عباده بفيض إلهي وتأتيهم الحكمة بلا سعي منهم، وعلى هذا قوله: (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ)

وقوله: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ) .

والاهتداء: للحكماء والعلماء، وهو توفيق اللَّه تعالى العبد ليطلب بسعيه وجهده الحكمة فيتحصل له منها بقدر ما يتحمل من المشقة.

وإياهما عني بقوله تعالى: (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣)

وقوله تعالى: (وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) .

فهذه اثنتان وسبعون درجة لا يمكن الزيادة عليها ولا النقصان عنها، ذلك ما ورد من الأخبار فليس بخارج عنها واللَّه الموفق:

فمما هو من جملة العبادة قوله - صلى الله عليه وسلم -: " الوضوء شطر الإيمان "،

<<  <   >  >>