للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سوء عن عرف سوء) ، ولهذا قيل: من طابت نفسه طاب عمله، ومن

خبثت نفسه خبث عمله، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " المؤمن أطيب من عمله والكافر أخبث من عمله " بل قد أشار تعالى إلى ذلك بقوله: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)

وبقوله: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا)

ولأجل أنه لا يطيب عمل من خبثت نفسه قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى)

وقال بعضهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ": إنه أشار بالبيت إلى القلب وأشار بالكلب إلى الحرص والحسد ونحوهما، ونبَّه أن نور اللَّه تعالى لا يدخله إذا كان فيه ذلك، واستدل لذلك بأن الحرص يقال له: الكلب، فإنه يقال:

فلان أحرص من الكلب.

ويقوي ذلك ما روي: أن التقوى لا تسكن إلا قلبا نظيفًا. وإلى الطهارتين أشار بقوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)

وكنى بالثياب عن البدن، قال الشاعر:

ثياب بني عوف طهارى نقية ... وأوجههم عند المشاهد غران

وقال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣)

وقال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)

وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) .

وقد قال بعض العلماء: إنما سمي الحواريون بذلك؛ لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بلإفادتهم الدين والعلم.

من قولهم: حورته، أي بيضته، وما روي أنهم كانوا قصارين فإشارة إلى هذا

المعنى، وإن كان من لم يتخصص بمعرفة الحقائق تصور من هذا التفسير المهنة المعروفة بين الناس.

<<  <   >  >>