للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تداركت الشهوة تلاشت وإلا صارت طلبًا، وإن تداركت الطلب تلاشى وإلا صار عملًا.

وقال بعض الحكماء: إن ولي اللَّه سبحانه إذا أتته لمة الشيطان انزعج لذلك، ورأى ببصيرته ظلمة، ووجد روعة، فإذا أتته لمة الملك انشرح صدره، وأولياء الشيطان بخلافه. قال اللَّه تعالى: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥) .

والله ولي الرشاد.

[حصول الخلق المحمود بطهارة النفس]

قد تقدم أن طهارة النفس تكون لإصلاح القوى الثلاث:

فإصلاح الفكرة: بالتعلم حتى يميز بين الحق والباطل في الاعتقاد، وبين الصدق والكذب في المقال، وبين القبيح والجميل في الفعال.

وإصلاح الشهوة: بالعفة حتى تسلس للجود والمواساة المحمودة بقدر الطاقة.

وإصلاح الحمية: بإسلاسها حتى يحصل الحلم؛ وهو كف النفس عن قضاء وطر الغضب، وتحصل الشجاعة؛ وهي كف النفس عن الخوف وعن الحرص المذمومين.

وبإصلاح القوى الثلاث يحصل للنفس العدالة والإحسان، وهذه جماع المكارم، وطهارة النفس وحسن الخلق الممدوح يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا وألطفهم بأهله "، ويعني باللطافة بالأهل تهذيبهم وتأديبهم المشار إليه بقوله

تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) .

والممدوح أيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " أحبكم إليَّ أحاسنكم أخلاقًا الموطئون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون "

<<  <   >  >>